في ظل حكم الخلافة العباسية الأولى، شهد العالم الإسلامي نهضة ثقافية وادبية غير مسبوقة عززت مكانته كمركز للعلوم والمعرفة. بدأت هذه الحقبة الجديدة مع افتتاح مدينة بغداد عام 762 ميلادية، والتي سيتحول إليها مركزاً رئيسياً للأعمال الادبية والعلمية. جعل الرخاء الاقتصادي والإصلاح الإداري تحت قيادة هارون الرشيد الظروف مثالية لتصاعد النمو المعرفي. هذا الحراك لم يقتصر فقط على الشعر والفلسفة ولكن شمل أيضاً العلوم الطبيعية والتاريخ والدينيات المتنوعة.
أصبح بيت الحكمة أحد أهم المؤسسات التي جمعت بين الكتابات القديمة والمخطوطات الفارسية والسريانية، مما أدى إلى ترجمة العديد من الأعمال اليونانية. كما لعب الشعراء مثل أبو نواس وجاهلي دور محوري في تشكيل المشهد الثقافي خلال تلك الفترة. بالإضافة لذلك، كانت المدارس الدينية ومناقشات الوعظ جزءا أساسيا من الحياة الروحية للمجتمع.
بحلول نهاية القرن الثالث الهجري، كان للعصر العباسي الأول تأثير كبير على جميع جوانب المجتمع المسلم. وقد ساعد هذا التحول الكبير الذي حدث آنذاك على الوصول إلى ما نعرفه اليوم باسم "العصور الذهبية للإسلام"، حيث انطلق التفكير الحر والعقلاني جنباً إلى جنب مع الطرق التقليدية للفكر. وبالتالي فإن التأثير المستدام للعصر العباسي الأول ليس فقط واضحا في الفنون والأدب ولكنه أيضا محفور عميقا داخل جوهر الحضارة الإسلامية الحديثة.