يعتبر كلا من علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء جزءاً أساسياً من دراسة جسم الإنسان، ولكل منهما دور فريد يلعبه في تحديد كيفية عمل أجسامنا. يشير "علم التشريح"، والذي يأتي من الكلمة اليونانية تشرحين تعني الدراسة، إلى وصف وتصنيف الهياكل الفسيولوجية للجسم البشري بشكل مباشر. هذا يعني أنه يهتم بدراسة شكل وموقع وأحجام الأنسجة والأعضاء والأعصاب والعظام والعضلات وغيرها داخل الجسم. يمكن تصور التشريح كما لو كنت تقرأ مخطط معمارية لمبنى - فهي توضح كيف يتم بناء كل قطعة وكيف تتصل هذه القطع ببعضها البعض.
من ناحية أخرى، يتعامل "علم وظائف الأعضاء" مع العمليات الوظيفية التي تقوم بها تلك الهياكل التشريحية. وهو ينظر إلى ما يحدث عندما يعمل قلبك وضغط دمك وتحرك عضلاتك وكل عملية حيوية أخرى تجرى تحت الجلد. بينما يقوم التشريح بتقديم الصورة الدقيقة للهيكل الجسدي، فإن علم وظائف الأعضاء هو الذي يكشف لنا كيف تعمل هذه الآليات المعقدة مع بعضها البعض للحفاظ على الحياة. تخيل الأمر مثل قراءة دليل استخدام للمعدات؛ فهو ليس فقط يشرح لك بنيتها ولكن أيضًا كيفية إعدادها واستخدامها بكفاءة.
عمليا، يُستخدم الاثنان جنباً إلى جنب لتوفير رؤية شاملة لصحة الشخص. إذا كان لديك ألم شديد في الظهر مثلاً، قد يستخدم الطبيب التصوير الشعاعي (تشريح) لتحديد سبب الألم ثم إجراء اختبار الدم لقياس مستويات الإنزيمات المرتبطة بالاستقلاب العضلي (وظيفة). بذلك يمكن له وضع خطة علاجية دقيقة استنادا إلى معرفته بكلتا المجالين.
إن التفريق بينهما يساعدنا أيضا في تقدير مدى التعقيد والإتقان في خلق الإنسان. فالبدن عبارة عن منظومة متكاملة ومترابطة للغاية، وبفضل العلم الصحيح، يمكننا تحقيق المزيد لفهم عجائب الخالق ومعرفة الطرق المناسبة للتعامل مع آلام وأمراض العالم الحديث.