يعد التعبير المجازي أحد أبرز سمات التعبير القرآني، حيث يستخدم القرآن الكريم هذا الأسلوب البلاغي لإيصال معانٍ عميقة ومفاهيم سامية بطريقة فنية وبلاغية فريدة. يعتمد التعبير المجازي في القرآن على استخدام الكلمات والألفاظ في غير معانيها الحرفية، مما يضفي على النص القرآني رونقًا خاصًا وجمالًا فريدًا.

يُعتبر القرآن الكريم من أعظم الكتب التي استخدمت التعبير المجازي ببراعة، حيث يجمع بين الوضوح والعمق في آن واحد. ففي حين أن اللغة العربية معروفة بقدرتها على التعبير عن الأفكار والمعاني بشكل مباشر، فإن القرآن يستخدم المجاز لفتح آفاق جديدة من الفهم والتأمل.

على سبيل المثال، عندما يقول الله تعالى في سورة البقرة: "وَاللَّهُ يَقْبَلُ الْمُتَصَدِّقِينَ" (البقرة: 264)، فإن كلمة "يقبل" هنا ليست بمعناها الحرفي، بل هي مجازية تشير إلى قبول الله للصدقة والعمل الصالح. هذا النوع من التعبير المجازي يضيف عمقًا روحيًا ومعنويًا للنص القرآني، مما يجعله أكثر جاذبية وعمقًا.

كما أن القرآن يستخدم المجاز في وصف الطبيعة والكون، مما يعكس عظمة الخالق وقدرته. ففي سورة الرحمن، يقول الله تعالى: "وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا" (الرحمن: 10)، حيث يستخدم كلمة "أرساها" مجازيًا لوصف ثبات الجبال وقوتها، مما يعكس قدرة الله الخالقة.

بالإضافة إلى ذلك، يستخدم القرآن المجاز في وصف النفس البشرية وأحوالها، مما يجعل النص القرآني أكثر ارتباطًا بالواقع الإنساني. ففي سورة الحجرات، يقول الله تعالى: "وَإِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ" (الحجرات: 37)، حيث يستخدم كلمة "قلب" مجازيًا لوصف العقل والفهم، مما يجعل النص أكثر ارتباطًا بالواقع الإنساني.

في الختام، يعد التعبير المجازي في القرآن أسلوبًا بلاغيًا وفنيًا مميزًا يعكس عظمة اللغة العربية وقدرتها على التعبير عن الأفكار والمعاني بطرق متعددة. يستخدم القرآن هذا الأسلوب لإيصال معانٍ عميقة ومفاهيم سامية بطريقة فنية وبلاغية فريدة، مما يجعل النص القرآني أكثر جاذبية وعمقًا.