لقد تحول علم الأحياء الجزيئي، رغم شبابه النسبي، ليصبح العمود الفقري للبحث العلمي الحالي في مجالات الحياة والطب والعلم ككل. يعود جذوره إلى الثلاثينيات من القرن الماضي عندما اجتمع علماء مختلفون - من الوراثة، الفيزياء والكيمياء - حول سؤال رئيسي واحد: ما طبيعة الوراثة؟
في أوائل القرن العشرين، قاد العمل الرائد لهانز د·إتش·ج·مولر الطريق نحو فهم هيكل الجينات. باستخدام الطفرة الناجمة عن الإشعاع المؤين كمجموعة أدوات بحثية قيمة، تمكن مولر من تحديد حجم الطبيعة الدقيقة للجينات. ورغم اليقظة الواضحة لهذه الاكتشافات، فقد شعر مولر بأنه محصور ضمن حدود معرفته باعتباره عالم وراثة فقط.
وفي العقود التالية، ظهرت شخصيات بارزة في الفيزياء مثل إروين شرودنجر ممن اقترح كيفية تطبيق مفاهيم فيزياء الكم لفهم ثبات الجينات وقابلية تغيرها. وقد مهد هذا المسعى لبداية عصر جديد للأبحاث البيولوجية الجزيئية.
البحث الأكثر تقدمًا في الأحياء الجزيئية بدأت تسطع بصورة واضحة منذ الثمانينيات بمقدمات جديدة مثل الربط بين قطع الحمض النووي (DNA)، وتفاعل بوليميراز شيفرة التكثير PCR الذي يقوم بتضخيم عينات صغيرة جداً من الحمض النووي لأعداد قابلة للاستخدام أكثر.
بالإضافة إلى الأهمية النظرية للعلم البيولوجي الجزيئي، فإن الاستخدامات التطبيقية لا تعد ولا تحصى. سواء كانت هذه تتعلق بإثبات الانتساب عبر رسم خرائط الحمض النووي الخاص بالأفراد، التشخيص المبكر للأمراض المختلفة أو حتى الفصل المعروف كهجرة كهربية لجسيمات الحمض النووي أو البروتينات. جميع التقنيات مجتمعة سهلت أيضا مهمة التأكد من دخول الجين بشكل صحيح داخل بروتين معين أثناء التجارب العملية.
وباختصار شديد، يشمل نطاق العلم الحيواني المجهري كافة جوانب تنظيم الخلية ودقتها بداية من التركيبة الجزيئية للحمض النووي والمركب الحيوي RNA وانتهاء بالعلاقات الديناميكية بين هاتين المركبتين الجليستين الأساسيتين لكل حياة حيّة. إن حتميته ليست مجرد تخصص مستقلاً فحسب بل إنها تشمل عدة حقول فرعية مترابطة كالكيماويات والحياة والفيزياء والعوامل الوراثية والصناعة البيوكيميائية أيضًا.