أصبحت إدارة المؤسسات اليوم عملية متغيرة ومتنوعة، تتطلب المرونة والتكيف مع الظروف المتغيرة باستمرار. ومن هنا برزت "المدرسة الموقفية" كنموذج لإدارة مبتكر ومثير للاهتمام. هذا النهج الإداري يقوم على أساس أساسي وهو ضرورة تعديل الإجراءات والاستراتيجيات وفقًا لكل موقف تنظيمي خاص، بدلاً من الاعتماد على مبادئ ثابتة وحلول نمطيّة. وفيما يلي شرح مفصل لما تشمله هذه المدرسة وفوائدها وأثرها التاريخي.
نشأت مدرسة الإدارة الموقّفية كرد فعل وانتقاد لبعض النظريات القديمة التي طالبت بمبادئ وإرشادات عامة شاملة. فقد لاحظ الباحثون ضعف قابلية تلك الرؤية الثابتة للتغيير والمواءمة مع البيئات المتغيرة. لذلك ظهرت الدعوة لتبني منهج أكثر دينامية يستوعب تنوع وشدة المواقف العملية. ويعتبر هنري فايول ورودلف دولاند وغيرهما ممن سبقوه قد مهدوا الطريق للتفكير بهذا الاتجاه عندما أكدوا أهمية دراسة السياقات المحلية والعوامل البشرية عند وضع خطط العمل. ولكن كان دور عالم النفس والفيلسوف الأمريكي جون ديوي حاسمًا في تطوير فلسفة واقعية تؤكد قدرة الإنسان على مواجهة تحديات الحياة بكفاءة عبر التجارب المستمرة والتعلم المستدام.
ومن مميزات تقنية الإدارة الموقَّفة نذكر حرصها على توظيف حلول ذات صلة مباشرة بالموضوع محل الدراسة. هدفها الرئيسي هو إنتاج قرارات فعالة تساهم في تحقيق الأهداف المنشودة داخل منظومات متنوعة الشكل والأسلوب. كذلك تهتم بتحسين القدرات القيادية الذاتية لدى مديري المشاريع لتلبية الاحتياجات الخاصة بكل قضية فردية تواجههم أثناء عملهم اليومي. وهذا يحتاج بلا شك لاستخدام حصيلة تجارب شخصية واسعة وخلق نماذج جديدة خاصة بالنظر للحالة المطروحة حاليًا تحت المساءلة. وهذه أحد مزايا المذهب إذ إنه يعالج حالة سائدة بطريقة فريدة تناسب ظروفها وظروف فريق عملها الخاص بها أيضًا.
بالإضافة لما تقدم ذكره سابقًا فإن مدارس التحليل الموضعي تحث القادة الجديدين دائمًا على اكتساب المهارات اللازمة لتحقيق قدرتهم التأويلية المعرفية للاستعداد لأي حدث مستقبلي وارده ربما يصعب التنبوء بنوعيته الآن. فالهدف النهائي للنظام العام هو تحسين سلامة وصلاحية تصرفاته العامة بغض النظر عن طبيعة المخاطر الداخلية والخارجية الدقيقة للأعمال التجارية المعنية بالقضية حالياً. ولعل أشهر الأمثلة الحديثة عليها هي جائحة كورونا وكيف تغير مجرى العديد من القطاعات الاقتصادية حول العالم بسبب فرض قيود صحية غير مسبوقة قبل عام ٢٠٢٠. بالتالي أصبح التفكير الواسع والمناسب مهارة مطلوبة لمن يرغب بمواصلة ريادة الأعمال الناجحة باتباع سياسة قائمة علي رؤية الواقع وتحليه بروح تقدير واحترام للعناصر الرئيسية الأخرى المهمة مثل العلاقات الشخصية المؤثرة والجوانب الإنسانية والثقافية المرتبطة بالسلوك الشخصي وحدوده الاجتماعية مقارنة بالحاسبات الآلية الآلية الأقل حساسية تجاه تداعيات الوضع الاجتماعي للدولة والقضايا الأخلاقية والمعنوية الملزمة لدفع عجلة المجتمع نحو مزيدٍ من الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والسلم الجتماعي .