يُعد كتاب "المواقف والمخاطبات" أحد كنوز التراث الإسلامي الصوفي الغني، والذي ألفه الإمام محمد بن عبد الجبار النفري، عالم صوفي بارز شهد القرن الرابع الهجري. يُقسم الكتاب إلى قسمين رئيسيين هما "المواقف" و"المخاطبات". فيما يلي نظرة عميقة حول مضمون هذه الأعمال الفكرية والثقافية المهمة.
- أهم الموضوعات: يحتوي الكتاب على مجموعة غنية ومتنوعة من المواقف التي يعكس فيها المؤلف مراحل متنوعة من التجربة الروحية للفرد المسلم. تتضمن تلك المواقف مواقف مثل موقف "العزم"، "القرب"، "الكبرياء"، "وجود الحق"، وغيرها الكثير، كل منها يكشف جانباً مختلفاً من رحلة الإنسان نحو تحقيق الكمال الروحاني والتقرب من الله تعالى. بالإضافة إلى ذلك، هناك 58 مخاطبة تشكل جزءاً أساسياً من العمل، وتوفر لمحة ثاقبة عن نطاق واسع من الأفكار والتجارب الروحية.
- شخصية المؤلِّف: كان الإمام النفري شخصية ذات مكانة كبيرة داخل المجتمع الصوفي آنذاك. عرف عنه تمسكه الشديد بالأدب والأخلاق العالية، كما أنه تبنى نهجا فريدا في التعامل مع الحياة قائلاً: "كلما اتسع فهم المرء قل كلامه". رغم شهرته الواسعة خلال حياته، إلا أنه اختار الانطواء وعدم الظهور كثيرا بسبب إيمانه الراسخ بفلسفته الصوفية الخاصة بالحياة. توفي حوالي العام 354 هجرية، لكن تأثيرات أفكاره ظلت حاضرة حتى يومنا الحالي بفضل أعمال كتبه المنشورة لاحقا.
- مؤلفات أخرى للإمام النفري: فضلا عن كتاب "المواقف والمخاطبات"، ترك لنا العالم الكبير العديد من الأعمال الأخرى ذات قيمة أدبية وروحية عظيمة. فقد نشر بعض أقسام مذكراته الشخصية والمعروفة باسم "الأعمال الصوفية"، والتي تحتوي على مواد متنوّعة تتعلق بمختلف جوانب التصوف والفلسفة الإسلامية. كذلك كتب أيضا كتابين مهمين وهما "النطق والصمت" ، و"المواقف والمخاطبات".
إن دراسة محتوى هذه المؤلفات تكشف لنا كيف يمكن للنفس البشرية أن تتطور روحيًّا نحو أعلى درجات التقرب من الذات الإلهية. إنه دعوة للتأمل والاستعداد للاستماع لصوت القلب الداخلي الذي يشير بنا دوماً نحو طريق الخير والعطاء.