في رحلة بحث الإنسان الدائمة للتعمق أكثر بفهم تعاليم الدين الإسلامي، يأتي كتاب "أول مرة أتدبر القرآن"، كتابة الشيخ محمد جبريل، كمرجع هام لكل قارئ متعطش لاستنطاق معاني آيات الله العظيمة بتمعن. هذا العمل الأدبي ليس مجرد شرح للأحاديث الكريمة؛ بل هو دعوة لإعادة النظر والاستماع إلى كلام الرب بكل حواسك. يركز الكتاب بشكل خاص على أساليب التدبر الصحيحة التي يمكن استخدامها لتوجيه القارئ عبر النص القرآني، مما يسمح له باكتشاف الطبقات العديدة والمعانِ المتنوعة الكامنة خلف كل حرف وكلمة وكل سورة.
بدايةً، يؤكد المؤلف على أهمية الطريقة العلمية في التعامل مع النصوص المقدسة. فهو يشجع القراء على البدء بدراسة الحياة الاجتماعية للمجتمع العربي القديم خلال فترة نزول الوحي، وذلك لفهم السياق الزمني والثقافي الذي ظهرت فيه هذه الآيات. هذه الخطوة الأولى ضرورية لأنها توفر أساساً قوياً للفهم الأعمق. بعد ذلك ينتقل إلى الحديث حول كيفية استخراج المعنى الحقيقي من آيات القرآن الكريم، مستعيناً بالعديد من الأمثلة العملية والتوضيح الواضح لأسلوب الاستنباط المناسب.
كما يلقي الضوء على بعض المقترحات العملية لتحسين مهارات التدبر عند القراءة. يقترح تقسيم الوقت لقراءة جزء واحد فقط يومياً، وتركيز الانتباه عليه حتى يتم الفهم الشامل. بالإضافة لذلك، يدعو إلى إعادة قراءة نفس الجزء عدة مرات بهدف الوصول إلى تفسيرات مختلفة ومتنوعة قد تغير رؤيتكم لها تماما. أخيرا وليس آخراً، يؤكد على دور التأمل في عملية التدبر، التشديد بأن الجلسات الهادئة قبل وبعد القراءة تساهم كثيرا بتحقيق حالة الروحانية اللازمة للحصول على الرسائل المستترة داخل الأيات نفسها.
في نهاية المطاف، يعد كتاب "أول مرة أتدبر القرآن" دليل مفصل وممتاز لمن يرغبون في اكتساب معرفة جديدة حول القرآن الكريم وتطبيقه العملي بحياة اليومية. إنه يعزز الرؤية الشرقية التقليدية للتفسير الغائي للنصوص الدينية ويقدم إرشادات واضحة للقارئ للسماح له باستخلاص العبرة والتطبيق العملي لهذه التعليمات النبوية والإلهية فيما يتعلق بمختلف جوانب حياته الشخصية والعلاقات المجتمعية والدولة الإسلامية. إنها بالفعل طريقة موجهة نحو التفكير الذاتي والمشاركة الفعالة بين الأفراد وأسرار الكتب المقدسة الخاصة بهم.
