التأثير البيئي للبلاستيك: رحلة من الإنتاج حتى الدمار

يُعدّ البلاستيك أحد أكثر المواد العصرية انتشارًا اليوم، لكن تأثيراته البيئية تتطلب مراجعة جادة. منذ لحظة إنتاجها، تبدأ رحلة هذه المركبات الكيميائية

  • صاحب المنشور: منال الطرابلسي

    ملخص النقاش:

    يُعدّ البلاستيك أحد أكثر المواد العصرية انتشارًا اليوم، لكن تأثيراته البيئية تتطلب مراجعة جادة. منذ لحظة إنتاجها، تبدأ رحلة هذه المركبات الكيميائية التي تمتاز بقوتها ومتانتها ومقاومتها للعوامل الجوية المختلفة ولكنها أيضًا تُعتبر واحدة من أكبر المشكلات البيئية الحديثة.

البداية مع عملية التصنيع؛ حيث يتم استخراج النفط الخام والغاز الطبيعي كمصدر رئيسي للمواد الأولية لإنتاج البلاستيك. هذا الاستخراج يمكن أن يتسبب في تلويث التربة والمياه الجوفية والمحيطات بسبب التسربات والحفر غير المنضبط. بعد ذلك يأتي مرحلة المعالجة والتكرير والتي تتضمن العمليات الحرارية والكيميائية الصناعية التي تطلق غازات سامة مثل ثاني أكسيد الكربون وثلاثي كلورو فلوروميثان، مما يساهم بشكل كبير في ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ.

دورة حياة المنتج

بعد الانتهاء من تصنيعه، يدخل البلاستيك إلى السوق كمنتجات متنوعة تبدأ بحياة قصيرة نسبياً قبل التخلص منها عادةً. معظم المنتجات المصنوعة من البلاستيك ذات عمر قصير نسبيًا بالمقارنة بعمر الأرض نفسه. على سبيل المثال، زجاجة مياه بلاستيكية ستستغرق نحو 450 سنة لتتحلل بالكامل تحت الظروف البيئية المثالية - وهي فترة طويلة للغاية بالنظر لعمر دورة حياتها المتوقع. بالإضافة لذلك، العديد من منتجاتنا اليومية مصنوعة جزئياً أو كلياً من مواد بلاستيكية أحادية الاستخدام، مثل الأكواب وأكياس الشراء والعبوات الغذائية وغيرها الكثير. هذه الأنواع من المنتجات يتم استخدامها مرة واحدة ثم تُرمى بعيدا، مما يؤدي إلى زيادة هائلة في حجم نفايات البلاستيك عالميًا.

تأثيرات بيئية خطيرة

تظهر التأثيرات البيئية لبقايا النفايات البلاستيكية خاصة عندما ينتهي بها الأمر في البحار والمحيطات. هنا تكمن مشكلة "بحار القمامة"، وهو مصطلح يشير إلى مناطق كبيرة مليئة برماد النايلون وباقي شظايا البلاستيك المحطمة نتيجة للتآكل الضوئي والأوكسدة البحرية. تعيش الثروة الحيوانية البحرية وسط هذه الأنقاض الخطرة وقد تسقط فريسة لها عبر الاختناق أو الابتلاع أو التشابك بالأشرطة والشبكات المرتبطة بصناديق وجرادل تخزين الطعام والبقالة وما إلى ذلك.

ليس هذا فحسب بل تشكل حبيبات البلاستيك الصغيرة ("المیکروبلاستیک") تحدياً آخر إذ أنها قد تدخل السلسلة الغذائية للإنسان مباشرةً عبر الأسماك والمأكولات البحرية الأخرى. كما تجدر الإشارة أنه رغم قدرة بعض أنواع النباتات والفطريات على التحلل الجزئي لبعض أشكال البلاسیتيك إلا انه ليس هناك حل طبيعي فعال بنسبة ١٠٠٪ للقضاء عليها نظراً لقوة وصلابة تلك المادتين.

البدائل والاستدامة

لحماية صحتهم وصحة الأجيال القادمة يجب البحث المستمر عن طرق مبتكرة لتوجيه مستقبل تصميم المنتجات وإعادة التدوير واستعمال موارد الطاقة بطريقة مسؤولة بيئيا وعقلانية اقتصاديا . إحدى الحلول الرئيسية هي تقليل اعتماد الإنسان العالمي على المنتجات البلاستيكية الأحادية الاستخدام وتعزيز إعادة التدوير والإصلاح والصيانة عند توفر الخيارات البديلة الآمنة والمعتمدة طويلاً المدى.


رضوى الدكالي

9 مدونة المشاركات

التعليقات