في ساحة الأبحاث الأكاديمية، يعد فهم الأنواع المختلفة من أساليب جمع البيانات والاستراتيجيات التحليلية أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق نتائج دقيقة وموضوعية. يقدم هذا المقال تحليلاً مفصلاً لثلاثة أنواع رائجة من أساليب البحث وهي: البحوث الكمية، والنوعية، وطريقة الجمع بين الاثنين لتكون "البحث المختلط". كل طريقة لها خصائصها الفريدة وآليات عملها الخاصة التي تتناسب مع نوع معين من الدراسات والأهداف البحثية.
البحوث الكمية: تُعرف هذه الطريقة بأنها الأكثر شيوعاً واستخداماً بشكل واسع في مختلف المجالات العلمية. تعتمد البحوث الكمية على استخدام أدوات إحصائية كاستبيانات وأسئلة الاستطلاع والاختبارات الموحدة للحصول على بيانات يمكن قياسها وتحليلها. الهدف الرئيسي لهذه الطريقة هو الوصول إلى نتيجة عامة مستخلصة من مجموعة كبيرة من الأمثلة. عادة ما تكون النتائج قابلة للتعميم ويمكن أن توفر رؤية واضحة حول الاتجاهات العامة والسلوك الجماعي للأفراد ضمن المجتمع المدروس.
البحوث النوعية: بخلاف سابقتها، التركيز هنا ينصب نحو فهم الأفكار والعواطف والتجارب الشخصية بدقة متناهية. تستخدم الباحثون المقابلات العميقة والملاحظات الوصفية والدراسات الحالة لدراسة الظواهر الاجتماعية والنفسية المعقدة. الغرض من ذلك ليس الحصول على حقائق مقاسة بل الرؤية الداخلية لموقف الشخص وتجاربه الفردية. غالباً ماتكون النتائج أكثر تعمقاً وتعطي تفسيرات عميقة للمشاكل المطروحة لكن صعوبتها تكمن في كيفية تطبيق تلك التفاصيل الواسعة النطاق بطرق قابلة للاستمرار.
البحث المختلط: يشكل حل وسط بين التقنيتين السابقيتين ويجمع بين مزايا ودراسات كلا منهما لإنتاج بحث شامل ومتكامل. يقوم هذا النهج بتطبيق تقنيات المسح الإحصائي لاستيعاب البيانات الموضوعية بينما يستخدم أيضاً الادوات النوعية مثل المقابلات لفهم العمق النفسي للسكان محل الدراسة. قد يكون تنفيذ هذا النوع أصعب ويتطلب خبرة وبراعة خاصة إلا أنه يؤدي لعطاء رؤى ثاقبة لاتتوفر عبر طرق فرديه أخرى.
إن اختيار واحد منها يعود أساسا لنوع القضية البحثية ومايترتب عليه تحديد مدى حاجتنا لرصد ظاهرة ما أم إدراك ابعاد المشكلة بصورة شاملة وكاملة . وفي النهاية فإن لكل طريق مميزاته وسلبياته والتي تستوجبان معرفتهم جيداً قبل البدء بممارسته كباحث علمي موثوق وستكون له آثار كبيرة فيما بعد!