التواضع والقوة: حكمة كليلة ودمنة عبر قصة الأسد والأرنب

في عالم الأديب الفارسي الشهير أبو بكر محمد بن قاسم الجرجاني, يأتي لنا كتاب "كليلة ودمنه"، أحد أشهر الأعمال الأدبية التي تجمع بين الحكايات الحيوانية وا

في عالم الأديب الفارسي الشهير أبو بكر محمد بن قاسم الجرجاني, يأتي لنا كتاب "كليلة ودمنه"، أحد أشهر الأعمال الأدبية التي تجمع بين الحكايات الحيوانية والحكم الأخلاقية الثاقبة. واحدة من هذه القصص هي تلك المتعلقة بالأسد والأرنب، والتي تعكس أهمية التحلي بالتواضع حتى لدى القوي.

يبدأ الأمر عندما يجتمع مجموعة كبيرة ومتنوعة من الحيوانات حول ضريح الصقر العزيز عليهم جميعاً. أثناء الاجتماع، يظهر الأسد - ملك الغابة - بطلبه لحماية الضريح بدلاً من الصقر العاجز الآن. الجميع وافق بما فيه الرضوخ للأمر الواقع. ولكن بين الجموع كان هناك أرنب صغير لم يعبر عن رأيه بشكل مباشر.

بعد انتهاء الاجتماع ومغادرة معظم الحيوانات المكان، يقترب الأرنب بخجل من الأسد ليعبّر عن وجهة نظره. يشرح الأرنب أنه رغم قوة وحشية الأسد، إلا أن هناك خطراً محتملاً قد يأتي من الخارج يمكن أن يؤذي الضريح أكثر مما يستطيع الأسد تحمله لوحده. يذكر الأرنب بأن الطيور مثل نقار الخشب والدراج، المعروفين بسرعة تنقل الخبر وعندروا التنبيه، هم الأكثر ملائمة لهذه المهمة الهامة.

يتمتع بتواضع كبير ويذكّر الأسد بحاجة الآخرين إلى الاعتراف بكفاءتهم الخاصة وأن كل حيوان له دور فريد يلعب دوره ضمن النظام البيئي للغابات. ويتطلب هذا الدور غالباً استخدام مهارات مختلفة لكل نوع وليس فقط قوة البدن كالاسد الكبير.

تتأثر شخصية الأسد بهذا الرأي الجديد وتقبل اقتراح الأرنب بإخلاص وبساطة، مؤكدًا عزمّه على العمل مع بقية الحيوانات لتحقيق هدف مشترك وهو سلامة وصيانة الضريح القديم. هنا يكمن درس عميق في حكم كليلة ودمنه؛ فالاعتراف بالقوة الحقيقة للآخرين والتأكيد عليها ليس نقصا ولا ضعف بل هو جزء أساسي من الاستراتيجية الناجحة للحفاظ على السلام والاستقرار داخل المجتمع الطبيعي كما ينطبق أيضا على مجتمع الحياة البشرية اليوم.


عاشق العلم

18896 مدونة المشاركات

التعليقات