ولد الفقيه اللغوي السعودي الكبير أبو تراب الظاهري عام 1923م (1343هـ)، وهو ابن العالم عبدالحق الهاشمي العمري، والذي ينحدر نسبه إلى عمر بن الخطاب رضوان الله عليه. تُعرف عائلة الظاهري بتعدد أعلامها العلميين، وقد بدأ أبو تراب تعليمه تحت إشراف جده وجده's, قبل أن يشق طريقه نحو التعلم النظامي والحصول على درجات علمية متقدمة.
بدأ مشواره الأكاديمي بتحصيل بكالوريوس علوم شرعية في مدينة بهادر، ثم واصل الدراسات العليا وحصد درجة الماجستير والدكتوراه من جامعة الأزهر الشريف بمصر. إن مساهمات أبو تراب الظاهري المثمرة لم تتوقف عند نطاق التدريس فحسب، بل امتدت لتشمل عدة مجالات كالحديث النبوي والشعر والنثر والتاريخ الإسلامي والعالمي. يمتاز أسلوب كتابة هذا المفكر المتنوع بأنه يجمع بين عمق الفهم وبساطة التعبير مما جعله محط اهتمام لدى القرّاء العرب.
ترك بصمة واضحة عبر توليه مواضع قيادية مثل مستشار البحث والنشر بالإذاعة السعودية، كذلك عمل كمحرر ومحرر مشارك بشعبة المطبوعات بوزارة الإعلام. تشهد سمعته الطيبة وسخائه المعرفي بأنّه كان عضوًا نشيطًا بلقاءات أدبية ولغويه مختلفة إضافة لإلقاء دروسه وحواراته الثقافية داخل المملكة وخارجها.
تنوعت رحلات الدكتور أبو تراب الظاهري ذات القيمة المعرفية الغنية سواء كانت زيارات رسمية للعلماء أم عمليات نقل ونسخ وتحبير مخطوطات نادرة قد جمعتها المكتبات الشهيرة كمكتبة الحرم المكي والتي عمل فيها لاحقاً. قام بزيارة أماكن مقدسة ومعلمين للمعارف بالعالم الإسلامي مثل تركيا وإيران واليمن وغيرها.
على الرغم من وفاته المبكرة نسبياً سنة ١٤٢٣ﻫ /٢٠٠۳م ، إلاّ أنّ تراثه العلمي يضم مجموعة هائلة تضم أكثر من خمسين مؤلفًا تغطي طيفًا مذهلا من الآفاق المعرفية ابتداء بالتفسير وحتى الشعر والنثر بما فيها "التفسير المقارن" و"السيرة الذاتية للنبي". فضلاً عن جهوده المؤصلة في مجال الترجمة والتدوين للأعمال المرجعية التاريخية والدينية. ترك لنا خلفه نموذجاً مثالياً في الاجتهاد والمعرفة الإنسانية التي تنضح بالأصالة والقوة الروحية التركيز عليها دائماً خلال تأليفه وابتعاثه العلمي .