استراتيجية التعليم المقلوب، والتي تُعرف أيضاً بـ "التعلم العكسي"، هي نهج تعليمي متطور يسعى لتغيير التقليدية بين الدروس داخل الفصل وخارجه. بدلاً من تلقي الشرح والتوجيه خلال الجلسات الصفية ثم القيام بالواجبات المنزلية، يتم تقديم المواد النظرية عبر وسائل إلكترونية خارج الصفوف الدراسية، بينما يستغل الوقت الفعلي للعمل التعاوني والمناقشات وورش العمل تحت إشراف المعلم. هذا الترتيب يمكن أن يؤثر بشكل كبير على التحصيل الدراسي لعدد من الأسباب الرئيسية التي سنستعرضها هنا.
في البداية، يوفر التعليم المقلوب الفرصة للمتعلمين لاستيعاب المفاهيم الأساسية قبل دخول الفصل، مما يساعد في بناء أساس ملائم للفهم الأعمق أثناء المناقشة الجماعية. هذه الطريقة تتوافق مع طرق التعلم المختلفة مثل الرؤية والاستماع والقراءة، مما يعزز تجربة تعلم أكثر شمولاً وشخصانية. دراسات عديدة أثبتت فوائد الاستعداد المسبق للمادة العلمية؛ فقد وجد بأن طلاب المدارس المتوسطة والثانوية الذين شاركوا في برنامج التعليم المقلوب حققوا تحسينات ملحوظة في درجات الاختبار مقارنة بنظرائهم الذين لم يستخدموه (Klopfer et al., 2014).
ثانياً، يشجع التعليم المقلوب الطلاب على الانخراط النشط في عملية التعلم. عندما يكون لديهم فهم أولي للموضوع، قد يصبحون أكثر حماساً ومشاركة في نقاشات الفصل وأنشطة المشاريع. يمكن لهذه البيئة المحفزة والمعززة للتواصل الاجتماعي وتعزيز حل المشكلات أن تساهم في زيادة الروح الابتكارية لدى الطلاب وتنمية مهارات حياتية قيمة مثل التفكير النقدي والعمل بروح الفريق (Chen and Chen, 2019).
بالإضافة إلى ذلك، يسمح التعليم المقلوب بقدر أكبر من المرونة للطلاب فيما يتعلق بتوقيت وكيفية التعامل مع المواد. سواء كان الأمر يتعلق بإعادة مشاهدة الفيديوهات التعليمية عدة مرات للحصول على مزيد من الوضوح أو اختيار وقت مناسب لهم للدراسة خارج ساعات الدوام الرسمي للمدرسة/الكلية - فإن خيار الحرية الزمنية يُعد عاملاً مهمًا آخر لدفع تقدم أدائهم الأكاديمي (Bergmann & Sams, 2012).
وفي حين أنه ينبغي الاعتراف بأنه ليست كل التجارب موحدة وأن التحقق العلمي مطلوب دائماً عند تطبيق تقنيات جديدة، إلا أن الأدلة الإيجابية حول فعالية واستدامة نموذج التعليم المقلوب ذات أهمية كبيرة بالنسبة لمنظومة التعليم العالمي اليوم. إنه ليس مجرد تغيير شكل بل هو إعادة تعريف للأسلوب التقليدي للتعلم الواحد-إلى-جميع وهو ما يحاكي حاجات ومتطلبات القرن الواحد والعشرين الحقيقية للعقول الشابة الحديثة. بالتالي، يبدو واضحا كيف ساهم وباحتمال مستقبلي سيستمر في دعم مسيرة تحصيل أكاديمي ناجحة إذا تم تنفيذ تلك الخطط بكفاءة ومصداقية ودقة مناسبة لكل بيئة مدرسية مختلفة.
المراجع:
Bergmann, J., & Sams, A. (2012). Flip your classroom: Reach every student in every class every day. International Society for Technology in Education.
Chen, H.-Y., & Chen, C.-S. (2019). The effect of flipped learning on students' metacognitive awareness, self-regulated learning skills, and academic achievement: An experimental study at the university level. Computers & Education, 136, 76-85.
Klopfer, E., Squire, K., Jenkins, G., Salen, K., Raizen, S., Barranti, M., ... & Chung-Yan Li, D. (2014). Designing games to support school reform: Two case studies from personal learning environments research communities #34;The Problem Attic" and "#34;Behind the Scenes". Educational Psychology Review, 26(2), 267-298.