تُعدّ مملكة مروي واحدة من أهم الحضارات الأفريقية القديمة التي تركت بصمة واضحة في تاريخ القارة والعالم أجمع. عاشت هذه المملكة بين القرن الرابع قبل الميلاد وحتى العام 25 ميلادي تقريباً، وقد استمرت لأكثر من ألف عام، مما يجعلها حقبة زمنية غنية بالشخصيات الرائدة والإنجازات البارزة في مختلف المجالات. سنستعرض هنا بعضاً من أشهر ملوكها وإنجازاتهم الفذة.
الملك أرشمان إيبوتي (حوالي 764 - 649 ق.م)
كان أرشمان أول ملوك سلالة كردفان الثانية، والمعروف أيضاً باسم "إيبوتي"، وهو مؤسس أسرة جديدة قامت بتوسيع نطاق نفوذ مملكته لتشمل معظم مناطق النوبة الجنوبية حالياً. خلال فترة حكمه، شهدت البلاد ازدهارا اقتصاديا كبيرا بسبب تنامي التجارة مع مصر وفينيقيا عبر طريق البخور الشهير آنذاك. كما عزز مكانة العرب واللاتين كمجموعات تساهم بشكل كبير في المجتمع السياسي والاقتصادي للمملكة.
الأميرة أمينة حتببشت (حوالي 100 ق.م.)
كانت امرأة موهوبة حازت على احترام شعبها وحكام عصرها نظراً لإخلاصها وشجاعتها الاستثنائيتين. تزوجت الأميرة أمينة حتببشت من نارمر أبوتو وتولت الحكم بعد رحيله المفاجئ عن الحياة تاركة خلفها رصيداً مهماً من الإصلاحات الإدارية والقانونية ودعم التعليم والثقافة المحلية. تعد شواهد قبورها المكتشفة حديثا شاهدا مؤثرا على هذا الزمن الجميل وللأدوار المتنوعة التي لعبتها المرأة داخل مجتمع تلك الحقبة الزاهية.
الملك سيليمنتاس (86 - 103 ميلادية)
تولى سيليمنتاس العرش عقب وفاة خاله الملك بطلميوس الراعي الثاني عشر لمدينة أخميم المصرية. وعلى الرغم من قرب المسافة الجغرافية بينهما جغرافياً وسعيهما المشترك للسيطرة على طرق التجارة البحرية والبحر الأحمر، إلا أنه لم يكن هناك عداء واضح يكبح طموحات كل منهما بل تعايش متبادل ومصلحي يعود بالنفع لكلا البلدين خاصة فيما يتعلق بحركة التجارة الدولية والمراكبية الداخلية المربحة جدا حين ذاك. وقد تميز ايضا باعتباره آخر حاكم سوداني مباشر لمصر القديمة وذلك لمدة قصيرة نسبيا بحسب المؤرخون الذين اتفقوا عموما بأنه قضى نحو ثلاث سنوات حتى سنة إحدى وثلاثين للهجرة المسيحية إذ تجرد منها تحت ضغط روماني داخلي وخارجي انتزع السلطة نهائيآ لصالح الإمبراطور الروماني ادريانوس الكبير وفق ما جاء بمؤلفاته الخاصة بذلك الحدث الدرامي وقتذاك. ويذكر أيضا ان له ابنة هي آمون, وهي ملكة لاحقة ورثت العرش الشرعى لسلالتهم النوباوية الثالثة عشرة والمختصة بهاذه الفترة الحرجة الأشد خطورة بالمساحات الحدودية المعرضة للتغيرات السياسية والدبلوماسية المختلفة المستمرة لحماية استقلال الوطن ضد الغزو الخارجي المختلف المصادر والتعدد السياساتي والأيديولوجيتي الداخلي والخارجي أيضًا! وهذا دليل اخر اضافي لقوة شخصيتها القيادية ونجاحاتها المتواصلة خارج حدود وطنها التقليدى تجاه الآخرين المتحالفين معه سياسياً وعسكرياً وتحقيق الأمن والسلم العالميين والسعادة الشخصية والفردية العامة لكل فرد والجماعة الوطنية برمتها!! إنَّ زيارتَكَ لها اليوم بما توفره الآن تحت اسم مقبرة "أم درمان" تشعر المرء وكانه يسكن درب الماضي ويتذوق طعم مجدِ آبائنا الكبار وحاضرآبائه الحالي كذلك فتبقى مصدر إلهام مستمر وانمودجٌ عالميا يشعل روح المقاومة لدى الشعوب الأخرى الملهوفة ذات الطبيعة البشرية الآمنة المطمئنة المنفتحة علاقات اجتماعية ثقافية متنوعة مزدهره سعيدة مستقره مستدامة... هكذا تبقى ذكرى تراث قدماء السودان في قلوب الجميع وفي كتب التاريخ وكل كتاب ومنصف حيادي حول العالم العربي القديم عامة ونحوه الخاص تحديداً..!