- صاحب المنشور: فارس العروسي
ملخص النقاش:
في العصر الرقمي الحالي، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. حيث توفر هذه الوسائل طريقة سهلة للتواصل مع الآخرين ومشاركة الأفكار والخبرات. ولكن، هل يمكن لهذه المنصات الاجتماعية الإيجابية أن تكون لها آثار سلبية على صحتنا النفسية؟ هذا هو محور نقاشنا.
تظهر الدراسات الحديثة وجود رابط محتمل بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاستغراق في مشاعر مثل القلق والاكتئاب وعدم الرضا بالنفس. فوفقاً لدراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية، فإن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل قد يساهم في زيادة الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية. يُمكن أن يؤدي مقارنة الذات بالأعراف المجتمعية المثالية التي يتم عرضها عبر الإنترنت إلى انخفاض الثقة بالنفس وقيمته الذاتية لدى المستخدمين.
بالإضافة إلى ذلك، أصبح التهديد بالإساءة الإلكترونية -التي تعرف أيضاً بالتسلط الالكتروني أو "البوينغ"- أكثر شيوعاً. إذ تشكل الرسائل المسيئة والتشهير بها خطر حقيقي يهدد سلامة الأشخاص واستقرارهم النفسي. وقد وجدت الأبحاث العلمية ارتباط واضح بين التعرض لهجمات البوينج والشعور بالاكتئاب والإضرار الذاتي.
بالرغم من الآثار المحتملة السلبية، إلا أنه لا ينبغي تجاهل الفوائد العديدة لوسائل الإعلام الحديثة أيضًا. فهي تتيح لنا الوصول لموارد تعليمية هائلة، وتوفر منصة للنشاط المدني والمشاركة السياسية، كما تساهم بتوفير الدعم للأفراد الذين يعانون من أمراض نفسية مختلفة وذلك من خلال مجموعات المناقشة والدعم المتاحة عبر الانترنت والتي غالبًا ما تكون مجهولة الهوية مما يساعد البعض على مشاركة تجاربهم وآمالهم بدون خوف.
من المهم التأكيد هنا على ضرورة تحقيق توازن صحي عند التعامل مع هذه التقنيات الجديدة والحفاظ عليها كأداة مفيدة وليس كشكل حياة مهيمن. يجب علينا مراقبة الوقت الذي نقضيه أمام الشاشات الخاصة بنا واتخاذ خطوات مستنيرة لحماية سلامتنا النفسية أثناء استكشاف العالم الواسع للمعلومات الرقمية متاح لنا جميعا الآن.
وفي نهاية المطاف، يتطلب الأمر فهم عميق للعوامل المرتبطة باستعمال شبكات التواصل الاجتماعية لتحديد الطرق الأكثر فعالية لإدارة مخاطرها وتحقيق أقصى قدر ممكن منها كمصدر قيمة للإنسان الحديث. لذلك دعونا نستمر في البحث والنظر بكلا الحسّتين البحثي والممارسات العملية لتحسين صحتهم النفسية عبر الإنترنت.
