- صاحب المنشور: عبد الله الطاهري
ملخص النقاش:مع تطور التقدم التكنولوجي الهائل الذي تشهده عالمنا اليوم، أصبح للإنترنت والوسائل الرقمية تأثير كبير ومتعدد الأوجه على طبيعة وتعقيدات الحياة الاجتماعية. فمن جهة توفر هذه الأدوات وسائل اتصال جديدة وميسّرة لأفراد المجتمع البشري حول العالم مما يُسهِّل التواصل ويقلص المسافات الجغرافية بينهم. ومن جهة أخرى قد تساهم هذه التطورات التقنية في زيادة الفجوة الاجتماعية وتؤدي إلى انخفاض جودة الاتصال الشخصي والعلاقات الإنسانية الحقيقية.
كيف تغيرت العلاقة بالزمان والمكان؟
استخدام الإنترنت والأجهزة الإلكترونية أدى إلى تغيير جذري لعلاقتنا بالوقت والمكان. لم يعد "الآن" محصوراً بموقع واحد أو لحظة معينة؛ فأصبح بالإمكان إجراء مكالمات فيديو متزامنة عبر قارات مختلفة، مما يجعل الزمان والمكان ليسا حدوداً أمام الإتصالات الشخصية. بالإضافة لذلك فإن استخدام الشبكات الاجتماعية مثل تويتر وفيسبوك وغيرها يتيح للمستخدمين مشاركة حياتهم اللحظية بأكملها مع جمهور واسع، حتى وإن كانوا بعيدًا مكانياً وجسدياً، وهذا يعكس جانب آخر لتغيير المكان أيضاً. ولكن هل هذا النوع الجديد من الوجود الافتراضي يمكن مقارنته بالحضور الحقيقي؟ وهل يؤثر فعليا على قوة الروابط البشرية المحلية؟
تأثير وسائل الإعلام الرقمية على الصحة النفسية والعلاقات الشخصية:
أشار العديد من الدراسات الحديثة إلى وجود علاقة مباشرة بين الاستخدام المكثف للتكنولوجيا والصحة النفسية للإنسان. حيث يسهم الانغماس المستمر في عالم افتراضي خالي من اللمسة الإنسانية الحسية والفكرية الطويلة المدى بتراجع العلاقات الحميمة داخل الأسرة والمجتمع المحلي. وقد أثبت العلم زيادة حالات الاكتئاب والإدمان الرقمي والشعور بالعزلة لدى فئة الشباب الذين يقضون فترات طويلة أمام الشاشات وأصبحت هواتفهم مصدر رئيسي لمعظم تفاصيل يومياتهم. كما تشير بعض الدراسات أيضًا إلى التأثير السلبي المحتمل لهذه الوسائل على القدرات المعرفية للأطفال الصغار وعلى نمو مهارات التواصل لديهم عندما يقضون وقتًا طويلاً مستخدمين الألعاب والتطبيقات المصممة لهم بدون رصد مباشر وبإشراف كافٍ من الآباء والمعلمين المؤهلين.
إعادة توازن العلاقات الاجتماعية:
لتجنب أي مخاطر مرتبطة باستخدام التكنولوجيا في عصرنا الحالي ينصح الخبراء باتباع نهج معتدل فيما يتعلق بممارسته واستخدامه بكافة أشكاله المختلفة. إن فهم أهمية توازن الوقت المنفق رقميّا مقابل ذلك القضاء حقيقة أمر ضروري للحفاظ على تماسك الدوائر الاجتماعية الطبيعية والحفاظ عليها ضمن نطاق صحيا وإيجابيamente بالنسبة لكل فرد ولكل مجتمع . يمكن تحقيق هذا بالتخطيط الذكي لاستخدام الاجهزة الالكترونية ، وضبط عدد ساعات المشاهدة اليوميه لها ، وتحفيز المشاركين فى دورات العمل بوضع سياسات تؤكد اهميه حضور اجتماعي واقعي اثناء فترات الراحة الاعتيادية خلال ايام العمل الاسبوعيه مثلاَ , وفى نهاية المطاف فان اتخاذ خطوة بسيطة نحو التحكم بسلوكنا المتصل حينما نتواجد جميعًا حول نفس الطاولة ستكون بداية جيدة لإعادة الاستقرار للعلاقات الاجتماعية بعد فترة زمنية ربما شهدت نوع مختلف تمامآ منها .