في عصر أصبح فيه العالم قرية صغيرة بفضل الثورة الرقمية، شهدت التجارة تحولات عميقة اتخذت منحنى جديداً نحو العالمية والشمولية. ومن بين جميع أشكال وأساليب التجارة التقليدية والحديثة، تُعتبر "التجارة الإلكترونية" بلا شك واحدة من أكثر الطرائق فعالية ورواجاً في عالم اليوم المترابط.
تشكل التجارة الإلكترونية ذروة التطور في مجال الأعمال التجارية الحديثة، حيث توفر مجموعة فريدة ومتكاملة من الفوائد التي تغير وجه التجارة كما نعرفه منذ عقود طويلة. هذه الوسيلة ليست فقط طريقة للتسويق والبيع وإنما أيضاً آلية لتغيير جذري في كيفية إدارة حركة البيع والشراء حول العالم.
بالنظر إلى فوائد التجارة الإلكترونية، نجد أنها تعيد تعريف مفاهيم المسافة والوقت والكفاءة. أولاً، تسمح هذه الآلية بالارتباط بكل سهولة بين البشر بغض النظر عن موقعهم الجغرافي. إن القدرة على الوصول مباشرة إلى سوق عالمي دون حدود، تعتبر نقطة قوة حقيقية لهذه النهضة التجارية الجديدة. يمكن الآن لأصحاب المشاريع الصغيرة والأفرادIndividuals تقديم سلعهم وعرض محفظتهم أمام ملايين العملاء المحتملين الذين لم يكن بوسعهم تحقيق هذه الفرص قبل ظهور شبكة الإنترنيت.
بالإضافة لذلك، بات بإمكان الأفراد اختيار المنتجات المختلفة بسرعة وكفاءة عاليتين. تقدم المنصات الرقمية مجموعة واسعة ومتنوعة من الخيارات تحت سقف رقمي واحد، مما يعززمن حرية الاختيار لدى المستهلك ويختصر الكثير من البحث اليدوي وتضييع الوقت.
كما أن لها تأثير مباشر على جوانب أخرى مثل توفير المال والجهد المبذول سابقاً خلال عمليات التنقل المستمرة أثناء البحث عن أفضل الصفقات. بدلاً من قضاء ساعات خارج المنزل لزيارة المحلات والتجول بحثاً عن السلعة المثالية بسعر مناسب، يمكن الآن الحصول على كل التفاصيل الضرورية لحظة طلب معلومات عنها - وصف المنتج, سعر التصريف, التعليقات الخاصة بالمستخدمين السابقين...الخ-.
إن تبني التجارة الإلكترونية ينطوي أيضا ضمن عوامل نجاحه الهائلة قدرتها على توليد وظائف جديدة وفرص حرفة مبتكرة تستهدف الشباب المؤهل حديثا لسوق العمل العالمي المتغير باستمرار. يعد "التسويق الإلكتروني"، أحد أهم مجالات تخصص القطاع الحديث الذي ظهر نتيجة لهذا التحول الكبير والذي يستقطب عدداً متزايدا من الأفراد ممن لديهم شغف بتكنولوجيا المعلومات والإبداع الرقمي لصناعة مستقبلهم المهني الخاص بهم.
ومن هنا فإن دمج أساليب الاتصال الحديثة بالتجارة التقليدية جعل منها أقوى وأكثر مرونة واستدامة بالنسبة للاقتصاديات الناشئة والدول ذات القدرات الاستثمارية القوية. فهي ليست مجرد نقلة تكنولوجية وإنما نظام اقتصادي شامل يدفع عجلة النمو ويوسع دائرة التأثير الاجتماعي والمعنوي لكل طرف مشارك فيه. وبالتالي، فإنه بالإقرار بأن التجارة الإلكترونية تشكل رافدا رئيسيا لدفع مسيرة النمو الاقتصادي العالمي وتعزيز قدرة المجتمعات على الاكتفاء الذاتي وتحسين مستوى الدخول للأسر المعيشية. وهكذا تصبح التجارة الإلكترونية وليدة الطبيعة الملزمة لعصر رقمنا الحالي، وما يتضمنه هذا المصطلح من تقارب وجهات النظر ونشر السلام والاستقرار السياسي والاقتصادي بين مختلف الشعوب والقارات.