تُعدّ الصناعة ركيزة أساسية لاقتصاد أي بلد، والعراق ليس استثناءً. وعلى الرغم من التحديات العديدة التي واجهها قطاع الصناعة العراقي عبر التاريخ، فإن البلاد تمتلك إمكانات هائلة للاستثمار والاستقرار الاقتصادي. هذه الإمكانات تعتمد بشكل رئيسي على وجود موارد طبيعية غنية ومتنوعة إلى جانب موقعها الجغرافي الفريد ووقوعها ضمن منطقة ذات أهمية استراتيجية عالمياً.
مع بداية القرن الحادي والعشرين، بدأت الحكومة العراقية جهوداً متجددة لإعادة بناء وإصلاح البنية التحتية للصناعة بعد سنوات طويلة من الحرب والصراع الداخلي. وتأتي هذه الجهود وسط سعي حثيث لتحقيق الاكتفاء الذاتي وخفض الاعتماد الكبير على صادرات النفط لتوليد الدخل الوطني. ويبرز توجه جديد يركز على تنويع القاعدة الصناعية لدعم النمو المستدام وضمان مرونة اقتصاد أكثر قوة أمام التقلبات العالمية.
من بين القطاعات الواعدة، نجد الصناعات التحويلية مثل المعالجة الزراعية ومعالجة المواد الخام المنتجة محلياً كالكبريت والأسمدة والفوسفات. كما تسعى بغداد أيضاً إلى تعزيز التصنيع الثقيل خاصة فيما يتعلق بالبنى التحتية والبناء والإنشاءات العملاقة. ومن الجدير بالملاحظة الدور المتزايد للشركات الصغيرة والمتوسطة في تشكيل المشهد الاقتصادي المحلي ودفع عجلة الابتكار والإبداع.
ومع ذلك، تواجه عملية إعادة تأهيل القطاع الصناعي العديد من العقبات المرتبطة بحالة الأمن العام وضعف السياسات الحكومية اللازمة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز بيئة الأعمال المناسبة للمستثمرين المحليين والدوليين. وإلى جانب تحديات أخرى تتضمن نقص الطاقة الكهربائية وغيرها من الخدمات الضرورية، يبقى النظام القانوني غير واضح بشأن ملكية الملكية وحقوق الملكية الفكرية مما يشكل عائقاً أمام القدرة التنافسية.
وفي الوقت نفسه، توفر الطبيعة السكانية الشابة للعراق فرصة فريدة لاستخدام رأس المال البشري لصالح تطوير المهارات النوعية والمعرفة الحديثة اللازمة لسوق العمل الدولي. وعند مواجهة هذه التحديات بروح من المرونة والتخطيط طويل المدى، يمكن للعراق أن يساهم بشكل كبير بتحسين رفاهيته الاجتماعية واستقراره السياسي عبر مسار مستقبلي ينطلق من أساس ثابت ومزدهر وهو قطاعي المصانع والموارد الوطنية الغنية الأخرى داخل حدود الدولة. إن مستقبل الصناعة في عراق اليوم يحمل معه قصة بطولة لمقاومة كل الظروف والتقدم للأمام نحو حقبة جديدة مليئة بالأمل والثقة بالنفس وبإنجازات عظيمة قادم مؤكد!