لقد رافق الإنسان منذ القدم عشقٌ عميق للعطور، وهو شعور يعكس قدرتنا الفطرية تقدير جمال العالم الطبيعي. تعود جذور تاريخ صناعة العطور إلى حضارات مختلفة حول العالم، ولكل منها طرق وطرائق خاصة بها مستمدة من البيئة المحلية والثقافة التقليدية. إن الفن الراقي لصناعة العطور ليس مجرد تحضير للمركبات؛ إنه انعكاس للذوق الإنساني وإبداعاته.
في القديم، اعتمد الناس بشكل أساسي على النباتات البرية كمصادر لعطورهم. كانوا يحرقون زهورا عطرة مثل الورد والجوري لإنتاج البخور، والذي اتخذ دورًا محوريا ضمن الطقوس الدينية والتقاليد الاجتماعية لشعوب مصر الفرعونية وغيرها الكثير. بينما يعد العرب بحق رواد عالم صناعة العطور الحديثة، فقد اكتشفوا تقنية انتزاع زيوت الزهور النافذة باستخدام عملية التقطير البسيطة ولكن الفعالة للغاية. وقد فتح هذا الاكتشاف الباب واسعا أمام مجموعة جديدة ومبتكرة من المنتجات والعلاجات العطرية التي أثرت بشدة تجربة الشمول الجمالي للإنسانية جمعاء عبر القرون التالية.
تنوع منتجات العطور اليوم نتيجة اختلاف تركيزات الزيوت العطرية المستخدمة أثناء التصنيع. فالتركيز الأعلى يعني وجود نسبة أعلى من تلك الزيوت مما يؤدي بدوره لتكوين عبق أقوى وبالتالي انفراد أكثر خصوصية بكل صنف مقارنة بالأخرى. ورغم أنه يمكن اعتبار النسبة المرتفعة دليل على جودة المنتج إلا أنها قد تتسبب أيضا بتأثير سلبي عند الإفراط في الاستخدام حيث يفقد المرء قدرته على رؤية وفهم تفاصيل الرائحة المعقدة.
عملية إنتاج العطر هي سلسلة معقدة متكاملة تبدأ بالحصول على النفط المطلوب ثم تخفيفه بكحول خاص يساعد على انتشار الرائحة قبل إضافة "مثبت" قوي للروائح ليبقى تأثيره لفترة مطولة بعد رشّه مباشرةً. بعد ذلك، تتم مرحلة التحميص حيث تعرض زجاجاتها داخل غرفة مظلمة وحرارتها ثابتة -عادة ٢٥ْ مْسْ- مدة شهر واحد حتى تنضج تماماََ ويكتشف مصنعهما توازن خصائصه النهائية المناسب للاستعمال اليومي المعتاد عليه العملاء. أخيرا وليس آخرا تأتي خطوة دمج الماء المعدنى هنا وهناك للحصول علي الاتزان المثالى بين القوام العام وشكل التطبيق الفعلي له خارج نطاق المنزل وما إليها .
إن فن صناعة العطور يشهد تطورات مستمرة بفعل البحث العلمي واتساع معرفتنا بالمكوّنات الطبيعية وآليات عملها الكيميائي. ومع مرور الوقت واكتساب خبراء الصناعة خبرتهم الواسعة، أصبح بإمكان الأفراد خلق مشاركات فريدة تحمل بصمة شخصية محببة إلي قلوب عشاق هذا المجال الخلاب!