تعتبر صناعة الفخار في الجزائر تراثاً وطنياً عريقاً يعكس الروح التقليدية للمجتمع الجزائري. هذه الصناعة ليست مجرد حرفة، بل هي جزء حيوي من الهوية الثقافية والفنية للبلاد. تمتد جذورها إلى العصور القديمة عندما كانت تستخدم لأغراض عملية مثل تخزين الطعام والشراب والحفاظ عليهما. اليوم، تحولت هذه الصناعة لتكون فنّاً تقليدياً يستخدم لتزيين المنازل والمناسبات الخاصة.
في جميع أنحاء البلاد، خاصةً في المناطق الريفية والتاريخية كمدينة القلعة ومدينة تيارت، يمكن رؤية العديد من الأفران التقليدية التي تعمل بطريقة مشابهة للأسلوب القديم. يعتمد العمل عادة على الطين المحلي الغني بالمعادن الطبيعية والتي تعطيه الخصائص الجيدة اللازمة لصنع أوانٍ مقاومة للتآكل. بعد جمع الطين وتصفية المياه منه، يتم طحن الخليط وضربه حتى الوصول للنقطة المثالية لاستخدامه. ثم يأتي دور تشكيل القطعة يدوياً باستخدام أدوات بسيطة مثل دوائر خشبية صغيرة وأيدي ماهرة للفنانين.
بعد التشكل، تُترك المنتجات تجف لفترة ما قبل دخولها مرحلة النقش والتزيين. يقوم الفنانون برسم زخارف ملهمة بالألوان الزاهية مستوحاة غالباً من البيئة الصحراوية والجبال الشامخة في الجزائر. أخيراً، تمر الأعمال بالنار داخل الفرن الحراري حيث تتحد فيها المواد الخام مع الحرارة لتحويل المنتج إلى قطعة فخارية نهائية ومقاومة للحرارة والوقت.
هذه العملية تعكس مدى أهمية التراث الشعبي في المجتمع الجزائري وكيف أنه ليس مجرد موروث ثقافي ولكن أيضاً مصدر رزق لكثير من العائلات. إن استمرار هذا الفن يكمن في دعم الحكومة لتعليم الشباب وهذه المهارات بالإضافة إلى سعي المؤسسات التعليمية المتزايد نحو تسجيل هذه الحرفة ضمن قائمة اليونسكو للتراث غير المادي للإنسانية. وبالتالي فإن صناعة الفخار الجزائري ليست فقط تاريخ وحاضر جميلان وإنما أيضا مستقبل مشرق يحمل بين جوانبه الكثير من الإبداع والإتقان.
