تُعتبر تركيا واحدة من الدول الرائدة في المجال الاقتصادي عالميًا، وذلك يعود إلى عدة عوامل رئيسية تتضمن الموقع الجغرافي الاستراتيجي بين أوروبا وآسيا، بالإضافة إلى القوة العاملة الشابة والمواهب المتنوعة التي تمتلكها البلاد. ومع ذلك، فإن هذا الوضع ليس خاليًا من التحديات. فقد شهد الاقتصاد التركي تقلبات ملحوظة خلال السنوات الأخيرة بسبب مجموعة متنوعة من العوامل المحلية والعالمية.
منذ بداية الألفية الجديدة، كانت النموذج النيو ليبرالية الاقتصادية سائدًا في تركيا تحت قيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم. وقد أدى هذا النهج إلى ارتفاع كبير في معدلات النمو الاقتصادي، بما في ذلك زيادة الصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة. لكن هذه السياسة لم تكن بدون عيوبها الخاصة؛ حيث زادت الفوارق الاجتماعية والثروات بشكل غير متناسب وأدى التركيز الكبير على القطاع العقاري والتجاري إلى عدم استقرار مالي.
على مدى الأعوام التالية، واجهت تركيا تحديات كبيرة بما فيها الانخفاض المفاجئ في أسعار الصرف المحلية والصدمات المالية الدولية مثل الأزمة اليونانية والأزمات الخليجية. هذه الظروف وضعت ضغطاً كبيراً على البنك المركزي للبلاد لإدارة الأمور المالية بشكل فعال. وفي الآونة الأخيرة، أثرت جائحة كوفيد-19 بشدة على التجارة العالمية والإنتاج المحلي مما خلق تحديات جديدة للشركات والحكومة.
ومع ذلك، تستمر الحكومة التركية في تنفيذ سياساتها الاقتصادية الطموحة والبرامج الاستثمارية الضخمة بهدف تعزيز النمو المستدام وتنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد فقط على قطاعات معينة. إنها تسعى دائماً لتحسين بيئة الأعمال وجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية لتوفير فرص العمل وتحقيق التنمية الشاملة.
وفي النهاية، يظل مكانة تركيا الاقتصادية محط اهتمام دولي واسع، إذ أنها ليست مجرد لاعب رئيسي في السوق الأوروبية فحسب بل أيضًا بوابة هامة نحو آسيا الوسطى ومنطقة الشرق الأوسط. بالتأكيد ستستمر رحلتها نحو تحقيق مزيدٍ من الثبات والاستدامة الاقتصاديتين وسط العديد من التحولات والتغيرات الداخلية والخارجية.