تعد أزمة الرهن العقاري أحد الأحداث الاقتصادية الأكثر تأثيرًا في القرن الحادي والعشرين والتي بدأت بصورة واضحة في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2007. هذه الأزمة لم تكن مجرد مشكلة محلية بل امتدت لتؤثر على العالم ككل، مما أدى إلى ركود عالمي كبير.
في جوهر الأمر، كانت أزمة الرهن العقاري نتيجة مباشرة للتوسع الكبير في سوق الإقراض العقاري منذ التسعينيات وحتى بداية العقد الأول من هذا القرن. البنوك والمؤسسات المالية الأخرى قدمت قروض عقارية بمستويات عالية من المخاطر للمستهلكين الذين قد يواجهون صعوبات في سداد تلك القروض بسبب أسعار الفائدة المرتفعة أو عدم قدرتهم المالية.
مع زيادة طلبات الحصول على القروض والتوقعات بأن السوق العقارية ستواصل النمو بشكل مستمر، بدأ العديد من المقرضين بتقديم "القروض ذات الدخل المنخفض"، وهي نوع من القروض التي تتطلب دفعات أولية أقل ومعايير ائتمانية أكثر مرونة. ولكن عندما انكسرت فقاعة العقارات وأصبح الناس غير قادرين على سداد القروض الخاصة بهم، فقدت المؤسسات المالية الكثير من المال وبالتالي باتت تكافح للبقاء مستقرة ماليًا.
هذه الظروف أدت إلى انهيار نظام الائتمان الأمريكي وانتشار الخوف عبر النظام المصرفي العالمي. وقد تم استخدام حزم التحفيز الحكومية الضخمة لإنقاذ القطاع المالي ومنعه من الانهيار الكامل. لكن التأثير كان واضحا - فقدان الوظائف، انخفاض الثقة الاستثمارية، وانكماش النشاط التجاري والصناعي.
ومن هنا يمكن رؤية كيف أثرت أزمة الرهن العقاري ليس فقط على المهنيين العقاريين والأسر التي تعرضت للإفلاس، ولكن أيضاً على الاقتصاد بأكمله. إنها دروس مهمة حول أهمية الرقابة الصارمة على المؤسسات المالية والاستقرار الاقتصادي العام وكيف يمكن لأزمة صغيرة أن تتطور بسرعة إلى كارثة اقتصادية عالمية كبيرة.