تُعتبر "طريقة المراصيع"، إحدى تقنيات الطبخ القديمة التي كانت تتبعها العديد من الثقافات العربية عبر التاريخ. هذه العملية الفريدة تجمع بين الفن والإبداع مع الفوائد الصحية للمأكولات المطبوخة بطريقة طبيعية. يتميز هذا الأسلوب باستخدام الحرارة الأرضية لإعداد الطعام، وهو ما يمنحه طعمًا فريدًا ولذيذًا.
في قلب الصحراء، كان العرب يستغلون الجو الصحراوي القاسي لصالحهم. فقد كانوا يقومون بحفر حفرة عميقة ويضعون فيها النار حتى تصبح الرمال ساخنة جداً. بعد ذلك، يغلفون بساطاً سميكاً فوق الرمل الملتهب لحفظ الحرارة وتوزيعها بشكل متساوي. هنا يأتي دور التربة -أو "المغروس"- والتي توضع مباشرة أعلى البساط لتثبيته ومنع انتشار النيران. ثم تُوضع طبقة أخرى من الرمل فوق المغروس كطبقة عازلة إضافية. أخيراً، يتم وضع اللحم المشوي وأحياناً الخضروات تحت الطبقات المختلفة ليطهى ببطء تحت الحرارة المنبعثة من الرمل الحراري.
هذه التقنية ليست فقط وسيلة فعالة لطهي الطعام بل أيضاً حافظتها لفترة طويلة نظراً لطبيعة البيئة الصحراوية الجافة. العناصر الغذائية المحفوظة داخل اللحوم والخضروات بسبب عملية الطهي البطيئة تعزز الصحة العامة للأشخاص الذين يتناولون تلك الأطعمة. بالإضافة إلى ذلك، يعكس استخدام طريقة المراصيع الراحة والتوازن الكبيرين ضمن ثقافة أهل الصحراء. فهي دليل على مدى قدرتهم على الاستفادة من كل ما تقدمه لهم الطبيعة حتى في أكثر الظروف قسوة وشدة. إنها حقاً رمز للابتكار والاستدامة في عالم الطهي القديم.