- صاحب المنشور: هناء الزاكي
ملخص النقاش:
في عالم اليوم الذي أصبح فيه الاتصال بالإنترنت متاحًا ومباشرًا لأغلبية السكان، شهدنا تحولاً كبيراً في طريقة تكوين آراء الناس وتشكلها. هذه التحولات ليست مجرد ظاهرة رقمية؛ بل هي جزء حاسم من المشهد السياسي المعاصر. يهدف هذا المقال إلى استكشاف كيف يمكن للمحتوى المتوفر عبر الشبكة العالمية "الإنترنت" أن يصنع ويغير وجهات النظر السياسية لدى الجمهور.
منذ بداية الثورة الرقمية, ظهرت وسائل جديدة للتواصل والمعلومات التي لم تكن موجودة من قبل. الروابط الاجتماعية والتطبيقات الإخبارية والمواقع الإلكترونية كلها توفر كميات هائلة من المعلومات تحت تصرف الأفراد. مع سهولة الوصول لهذه المنصات، زادت احتمالية تعرض الأشخاص للأفكار المختلفة مما يؤثر بشكل مباشر على تشكيل الآراء الشخصية.
إحدى أهم الطرق التي تعمل بها هذه الوسائط الجديدة على تغيير الذهنية العامة هي من خلال القصة أو القصص الإعلامية. تستطيع التقارير المطولة أو البرامج التلفزيونية المنتظمة تقديم تفاصيل غنية وأمثلة واقعية أكثر بكثير مما قد تجديه الصحيفة الورقية التقليدية. هذا التركيز الغني بالأحداث والتفاصيل يساعد في خلق صورة واضحة ومعقدة للحوادث السياسية، وقد يدفع الناخبين نحو قبول رؤية سياسية واحدة فوق الأخرى.
بالإضافة لذلك، تلعب الحملات التسويقية والإعلانات دور فعال أيضاً. الشركات المتخصصة في إدارة حملات الدعاية تقوم بتحليل البيانات الضخمة لتحديد المواضيع الأكثر تأثيراً لدى شريحة معينة من المجتمع ثم تستغل تلك الفكرة لإنشاء محتوى يلقى صدى لديهم. وهذا النهج الاستهدافي يساهم بشكل كبير في توجيه الانتباه نحو قضايا بعينها وتحريك الراي العام وفقا لرؤية محددة.
لكن الأمر ليس دائماً بسيطة كما يبدو. هناك تحديات كبيرة مرتبطة بهذا النوع الجديد من التأثير السياسي. فمع الكم الهائل من المحتويات والأراء المتاحة، يتطلب الأمر ذكاء عالي وتمحيص دقيق لتقييم مدى مصداقية المصدر وقيمة المحتوى المقدَّم. بالإضافة إلى ذلك، هنالك خطر التعرض للخداع عن طريق الأخبار الزائفة والكذب الإحصائي وغيره من الأساليب الخادعة التي تسعى لجذب الأنظار واستثمار تأثير الرأي العام بطريقة غير صادقة.
في النهاية، بينما نعترف بقوة وتأثير المحتوى الرقمي على الحقل السياسي الحديث، ينبغي أيضا الاعتراف بحاجة المجتمع لقواعد أخلاقية وضمان سلامة عملية صنع القرار استنادًا إلى معلومات دقيقة ومنصفة.