- صاحب المنشور: مراد بن جابر
ملخص النقاش:
هذا النقاش يشهد تناغمًا بين المتحاورين حول أهمية تحدي فكرة أن الطهي يتمثل فقط في اتباع خطوات بالكتاب. يُبرز الجميع دور الخيال والمرونة، مؤكدين أن الطهي فنٌ بحاجة إلى روحٍ إبداعية. بينما يأخذ البعض بعين الاعتبار قيمة التراث الغذائي والاحتفاظ به عبر ثبات وصيانة بعض الأنماط القديمة، إلا أن الاتفاق العام يتجه نحو دعم فكرة دمج التقليد بالإبداع الحديث لمواجهة خطر جمود المعرفة وتحويل الطعام إلى منتَجين مصنعين.
يشدد "الخزرجي التواتي" على حاجتنا إلى موازنة تراثنا الغذائي مع قدرتنا على التحول والإبداع، مستشهدًا بإظهار مهارة الطهي العالمية بشكل مبتكر ومتنوع، متحديًا بذلك الصور النمطية التي تعتبر تعلم الطبخ عبارة عن نسخ بسيطة للوصفات المتداولة.
وتوافقُه "أكرام الصقلي"، مؤكداً على أن الطبخ ليس مُجرّد طريقة للاستمتاع بالمغذيات الغذائية وإنما وسيلة لنقل المشاعر والقصة الشخصية المرتبطة بالأكل. وهذا يستوجب حضورًا حيويًا وحساسًا للمكونات المختلفة أثناء تحضيرها، وكذلك استخدام المخيلة والإلهام الخاص بكل طباخ لإنتاج أعمال مميزة وفريدة.
ويرى "فؤاد بن الأزرق" أنّ تبادل خبراتنا وتجاربنا في مجال الطبخ يشكل مصدر إلهام كبير لنا جميعاً لاستخراج عناصر غير معروفة سابقًا في عالم الطبخ الواسع والمعقد. ومن ثمّ يمكن النظر إليه كمجموعة أدوات تُستخدم بطرق مختلفة وفق رؤيتنا الفردية لتحقيق لوحة طهي جميلة وعالية الجودة تناسب ذوقنا الخاص.
بينما يعرب "إحسان الدين الزرهوني" عن اقتناعٍ بأنه حتى عند احترام التقاليد والحفاظ عليها، لا ينبغي لنا أن نتجاهل الواقع العملي لقواعد الطبخ العلمية والتي تضمن استقرار جودة المنتجات النهائية للمواد الغذائية. وفي الوقت نفسه، يحذر من أن الانتباه الزائد لهذه القواعد قد يخنق موهبة أي شخص يرغب بخوض غمار عالم الطهي بخيال واسع وانطلاق مدروس. ومن هنا، يرى "بن يحيى العياشي" أهمية منح المجال الأولوية للروح الإبداعية للسماح لها بالسعي وراء الأصالة والتعبير عن الذات داخل فضاء المطبخ الرحيب والثر.
وفي نهاية الأمر، يعدُّ هذا الجدال دليلاً واضحا على أنّ المفتاح لحياة طبخة مرضية تكمن ضمن التعاون المقارن بين مرجعيات عديدة تشترك وتختلف فيما بينها - وهي تركيبة ستضمن جودة الطعام وتفرد تصوراته اللذائذ مع إبقاء الباب مشرعا أمام المزيد من الاكتشافات والتحديثات المستمرة لصناعة الفن الطبيعية لعلم تغذية البشر.
