- صاحب المنشور: أكرم الوادنوني
ملخص النقاش:في السنوات الأخيرة، شهد العالم اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) كأداة رئيسية لتحقيق النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل. وعلى وجه الخصوص، فقد برزت العديد من الدول الإسلامية على خريطة هذا النوع من الاستثمار بسبب مجموعة متنوعة من العوامل التي تتراوح بين الموقع الجغرافي الإستراتيجي والثروات الطبيعية والأجواء السياسية والاستقرار الاجتماعي. إلا أنه رغم هذه المقومات الواعدة، فإن جذب واستيعاب الاستثمارات الخارجية ليس عملية بسيطة؛ فهي تواجه مجموعة معقدة ومتنوعة من التحديات والدوافع الفريدة.
التوجه نحو الأسواق الناشئة
يتجه المستثمرون إلى الأسواق الناشئة مثل تلك الموجودة في دول العالم الإسلامي نظراً لارتفاع معدلات نمو السكان ونسب الشباب فيها والتي تشكل سوقاً كبيرة للمستهلكين والموظفين المحتملين. بالإضافة لذلك، تقدم بعض هذه البلدان حوافز ضريبية وجغرافية استراتيجية تجعلها مناطق جاذبة للاستثمارات الثقيلة في البنية التحتية والصناعات الخفيفة. ولكن هناك جانب آخر مهم وهو مدى تقبل المجتمع المحلي لهذه المشاريع الجديدة والتغيرات الاجتماعية المصاحبة لها.
التحديات الأمنية والتشريعية
يشكل عدم اليقين السياسي والأمني أحد أكبر العقبات أمام تدفق رؤوس الأموال. فعلى الرغم من الحراك الديمقراطي الأخير الذي شهده عدد من الدول ذات الغالبية المسلمة، إلا أنه مازال يتعين عليها التعامل مع القضايا المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية والقوانين التجارية الشفافة وأنظمة العدالة القانونية الكافية لحل نزاعات الأعمال الدولية. كما تساهم البيروقراطية الحكومية وإجراءاتها المعقدة في خلق بيئة تجارية غير مستقرة وغير جذابة للأعمال التجارية العالمية التي غالبا ما تعتمد على سرعة واتخاذ القرارات وقدرتها على التنبؤ بالعائدات.
الأثر التنموي المحتمل
لا يمكن تجاهل التأثيرات المحتملة للاستثمار الأجنبي المباشر داخل مجتمعات الدولة المضيفة. فمن جهة ، قد يسهم ذلك في تحسين مستويات التعليم والبنية التحتية وبناء قدرة سكانية مؤهلة أكثر للعمل بأجر أفضل مما يساعد اقتصاد البلاد على الانتقال بعيدا عن الاعتماد الكبير على النفط مثلاً . ومن الجانب الآخر ، ينظر البعض بنظرة تشاؤمية لهذا التدخل الخارجي معتبرينه محاولة لإعادة إنتاج أنماط عالمية مضطربة اجتماعيا واقتصاديا ولا تحقق مصالح الشعب المحلي حقا وإنما توفر مكاسب قصيرة المدى لمجموعات صغيرة فقط تعمل كمكاتب اتصال وشركات مقاولات تابعة للشركات متعددة الجنسيات.
مستقبل قابل للتكيف
إن فهم ديناميكيات العلاقات الثنائية والعولمة المتغيرة خطوة ضرورية لتوجيه السياسات الوطنية بطرق تعكس الأولويات الخاصة بكل دولة. بينما تستكشف الدول الاسلامية طرق زيادة تنافسيتها لجذب المزيد من الصناديق المالية الأجنبية ، تبدو أهمية تحديد شروط عادلة ومربحة للعلاقات التجارية والشراكات الاستراتيجية واضحة بشكل جلي خاصة عندما تأتي جنباً الى جنب مع الاصلاح الداخلي للنظام التشريعي وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال وخلق قطاعات منتجة جديدة ضمن إطار نهضة علمانية واجتماعية شاملة.