- صاحب المنشور: إبتهال بن العيد
ملخص النقاش:
مع تطورات الثورة الرقمية الحديثة، أصبح لتكنولوجيا المعلومات دور بارز ومؤثر في مختلف مجالات الحياة اليومية. وفي مجال التعليم تحديدًا، أدى هذا التأثير إلى تحولات عميقة وتغيرات جذرية أثرت بشكل كبير على أساليب التدريس والتعلم نفسها. يمكن تصنيف هذه التأثيرات ضمن عدة محاور رئيسية تشمل الجوانب الفنية والإدارية والتفاعلية بين الطلاب والمعلمين.
أولاً، فيما يتعلق بالجوانب التقنية، أصبحت الحوسبة والإنترنت بيئة تعليمية متاحة أكثر من أي وقت مضى. تُمكّن الأجهزة الذكية والكمبيوترات المحمولة الطلبة من الوصول إلى كم هائل من الموارد التعليمية عبر الإنترنت، مما يسهل عليهم التعلم خارج نطاق الفصل الدراسي التقليدي. كما تسمح المنصات الرقمية بتقديم محتوى متعدد الوسائط غني بأشكاله المختلفة كالرسومات المتحركة والفيديو والصوت. بالإضافة لذلك، تقدم تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز تجارب فريدة وغامرة للطلبة تمثل التجارب العملية التي يصعب تحقيقها فعليا.
ثانياً، كان للتكنولوجيا تأثير واضح أيضاً على الإدارة الأكاديمية للمؤسسات التعليمية. حيث سهلت البرمجيات المتخصصة إدارة البيانات وإعداد التقارير وتحليل الأداء بطريقة دقيقة وعالية الكفاءة. وبفضل نظم إدارة تعلم قائم على الشبكات الإلكترونية (LMS)، أصبحت التواصل والمراقبة والتقييم تسير بصورة آنية وأكثر فاعلية بكثير مقارنة بالأسلوب التقليدي الورقي. وهذه الأدوات جعلت عملية اتخاذ القرار بشأن سياسات التعليم واستراتيجياته أكثر منطقية ومنطقيا بناءً على بيانات واقعية ومفصلة.
وأخيراً وليس آخراً، فقد غيرت تكنولوجيا الاتصال أيضًا طريقة تواصل الطالب مع المعلّم والعكس بالعكس. فتطبيقات مؤتمرات الفيديو والبرامج الدردشة الآمنة توفر فرصا جديدة لإجراء جلسات صف افتراضية شخصيّة تضمن مشاركة أفضل وتعزيز فهم أفضل لدى كل طرف للآخر بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية أو الظروف الخاصة بهم.
بالرغم من كل تلك الفوائد المحتملة، فإن لهذه التحولات أيضا بعض السلبيات الواجب أخذها بعين الاعتبار. ويمكن تلخيص أهم المشاكل الناجمة عنها فيما يلي: مشكلات تتعلق بالتكلفة الأولية للحصول والدعم لتنفيذ حلول رقمية جديدة داخل المؤسسات التعليمية؛ قضايا تتصل بفوارق القدرة التقنية بين الأفراد والتي قد تؤدي إلى خلق انقسام اجتماعي جديد داخل البيئة التعليمية ذاتها؛ وانتشار مخاطر الأمن السيبراني المرتبط باستخدام الروابط والأجهزة الخارجية أثناء العمل عبر الشبكة العنكبوتية العالمية.
وعلى الرغم مما ذُكر سابقا فإننا نشهد حالياً جهود مستمرة لبناء نماذج تعليمية هجين تجمع روح العصر الحديث مع الأساس القوي للمعارف القديمة بما يحقق توازن مفيد لكل جزء فيه ويسمح باستغلال الفرص المثمرة بدون الاستسلام لمشاكل احتمالية الحدوث. إذ يبدو أنه بات ضروريًا الآن إعادة تعريف "التعليم" نفسه ككيان حداثي قادر على استيعاب مواطن الخشونة المصاحبة لأي رحلة نحو عصر رقمي كامل الصفات سعينا جميعًا لتحقيق الغاية منه منذ عقود طويلة!