- صاحب المنشور: رنا المراكشي
ملخص النقاش:
تُعتبر وسائل التواصل الاجتماعي اليوم أحد أهم الأدوات التي تسهم في تشكيل الرأي العام. هذه المنصات رقمية تتيح الفرصة لكل فرد للتعبير عن رأيه والمشاركة فيه، مما أدى إلى إنشاء نوع جديد من "العقل الجماعي" للمجتمع. هذا التحول ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل هو تغيير جذري في كيفية تفاعل الناس مع المعلومات والآراء حول العالم.
في الماضي، كان الإعلام التقليدي مثل الصحف والتلفزيون يهيمن على نقل الأخبار وتشكيل الأفكار العامة. كانت هذه الوسائل تخضع لرقابة محددة ولوائح تحريرية تحد من المحتوى الذي يمكن نشره. لكن ظهور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي غير المعادلة تماماً. الآن أي شخص لديه اتصال بالإنترنت يستطيع نشر أفكاره ومشاركتهها فوراً مع ملايين الأشخاص الآخرين في جميع أنحاء العالم.
هذه الحرية المطلق في التعبير عنها قد أدت إلى ظهور العديد من الآثار الاجتماعية والثقافية الجديدة. من ناحية، توفر وسائل التواصل الاجتماعي نافذة على الثقافات المختلفة والأفكار المتنوعة التي ربما لم تكن لتصل إلى جمهور واسع بدونها. ومن ناحية أخرى، فإن الانتشار الواسع لهذه المنصات جعل من السهل انتشار الأكاذيب والمعلومات الخاطئة بشكل كبير.
إحدى القضايا الرئيسية هنا هي موضوع "الحقيقة". حيث أصبح تحديد ما إذا كانت المعلومة حقيقية أم كاذبة أكثر تعقيدا وأكثر أهمية من ذي قبل. تقنية الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة تعمل حالياً على تطوير طرق جديدة للتعرف على الأخبار الكاذبة والحفاظ على جودة المعلومات عبر الانترنت ولكن الطريق أمامنا مازال طويلا لحل هذه المشكلة بشكل كامل.
بالإضافة لذلك، أثرت وسائل التواصل الاجتماعي أيضا على الطريقة التي نتواصل بها اجتماعيا. فهي ليست فقط طريقة لنشر الرسائل وإنما أيضاً مكان حيث يتم بناء العلاقات الشخصية والتجمعات المجتمعية الصغيرة والكبيرة. بينما يمكن استخدامها لصالح الخير - مثل تنظيم الحملات الخيرية أو دعم الحركات السياسية - إلا أنها تعرض أيضًا لأخطار محتملة كالتسلط الإلكتروني والإضرار النفسي بسبب التنمر عبر الأنترنيت وغير ذلك الكثير.
وفي النهاية، تبقى وسائل الإعلام التقليدية جزءا أساسيا في عملية تشكيل الراي العام رغم كل تغييرات القرن الحالي. الفروقات الأساسية تكمن في سرعة تقديم الأخبار وعملية التشاور بين الجمهور المقروء لهم والتي تعد خصائص فريدة لمنصات التواصل الاجتماعي. وبالتالي، يتطلب الأمر موازنة مدروسة واستخدام مناسب لتلك الأدوات لتحقيق أفضل تأثير ممكن لها سواء كان سلبًا أو ايجابيًا.