- صاحب المنشور: عبد البر بن داود
ملخص النقاش:في العصر الحديث، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث تلعب دورًا محوريًا في تشكيل وجهات النظر والتوجهات العامة. إن هذه المنصات الإلكترونية لم تعد مجرد أدوات للتواصل بين الأفراد فحسب؛ بل أصبحت أيضًا ساحات حوار عام واسعة تؤثر بشكل ملحوظ على كيفية فهم المجتمع لقضايا السياسة والاحداث الجارية.
مع تزايد شعبية وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام وغيرها، شهد العالم تغييرات كبيرة في الطريقة التي يشكل بها الناس آرائهم السياسية. فقد اتاحت هذه المنصات فرصة غير مسبوقة للمواطنين للتفاعل مباشرة مع القادة السياسيين ومناقشة المواضيع ذات الاهتمام المشترك. ولكن هل أدى ذلك إلى تقوية الروابط الاجتماعية وتشجيع الحوار المدني أم أنه زاد من الانقسام السياسي؟
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الرأي العام
لقد أثبتت الأبحاث العلمية تأثيرات متعددة لوسائل الإعلام الاجتماعية على الرأي العام. ومن ناحية ايجابية، فإنها تساهم في تعزيز الديمقراطية عبر تقديم منبر مفتوح للمشاركة المدنية. يسمح هذا المساحة المفتوحة للأفراد بنشر أفكارهم ومشاركتها وتعزيز المناقشات البناءة. يوفر النظام البيئي للشبكة العنكبوتية الفرصة أمام الأقليات الذين قد يعانون عادة من التمثيل غير الكافي للاحتجاج علنيا والحصول على اهتمام واسع النطاق بقضيتهم.
بالإضافة لذلك ، تعمل الشبكات الإجتماعية كوسيط مهم لنقل الأخبار و المعلومات الفورية بشأن الاحداث المحلية والإقليمية والدولية . وهذا يضمن إبقاء الجمهور مطلعاً باستمرار وبالتالي قادرٌعلى اظهار رد فعل سريع عندما تستدعي الظروف ذلك.
التحديات المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي
رغم فوائدها العديدة إلا أنها تحمل أيضا تحديات عديدة مرتبطة بتشكيل الآراء السياسية والسلوك الانتخابي. أحد أهم تلك التحديات يتمثل فيما يعرف بالإعلام الزائف أو الاخبار المفبركة والتي انتشرت بصورة مخيفة منذ ظهور الثورات العربية عام ٢٠١١ وما بعدها تحت اسم "الثورة الفيروسية". نشوء شبكات أخبار مزيفة مصممة لترويج معتقدات خاطئة هدفت الى التأثير السلبي على نتائج الانتخابات والمساس بالاستقرار السياسي للدول المستهدفة.
كما يمكن اعتبار ظاهرة "البابل" بحسب نظرية اجتماعية مشابهة لبابل الأسطورية بأنّها عامل آخر يؤدي لانقسام الراي العام بسبب اختلاف مصادر الأخبار وحداثة الاعلام الجديد الذي يغذي التجارب الشخصية والأيديولوجيات الخاصة بكل مستخدم مما يفسر سبب ميل الفرد نحو مواصلة المتابعة لأخبار موالية لما يحمل اعتقاداته وقد تؤدي الي عزلة نفسية وانخفاض مستوى ثقافة الحوار والعيش بكوكبة صغيرة مقارنة بالنظام التقليدي للحياة الاجتماعية قبل انتشار الاتصالات الحديثة.
الآفاق المستقبلية لدور الوسائط الجديدة فى رسم السياسات الحكوميه والقوى المؤثرة عليها
ومن هنا تبدو ضرورة البحث عن حلول وآليات تنظيم تضمن تحقيق التوازن الأمثل لاستخدام تكنولوجيا الإعلام الذكية بطريق صحيح حيث يسعى العديد من الدول الغربية لإطلاق قوانين جديدة تهدف لحماية حرية الصحافة وضمان عدم استعمال السلطة لتحقيق مكاسب سياسية شخصية بينما مازال البعض الآخر يدفع باتجاه فرض رقابة شديدة تخنق أي صوت منتقد محتمل. وهناك حاجة ماسة لإعادة ترميم الحوار المجتمعي حتى تتسنى بناء قاعدة جماهير مدربة معرفياً قادرة علي تمحيص المعلومة واستخلاص الحقائق الصحيحة منها.
هذه نظرة شاملة حول موضوع "تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على تحويل وجهة النظر الشعبية تجاه قضايا الدولة والمجتمع."
