- صاحب المنشور: سلمى بن عبد الله
ملخص النقاش:
التطور التكنولوجي الذي شهده العالم خلال العقود الأخيرة كان له آثار واسعة الانتشار، ليس فقط على جوانب الحياة العملية والترفيهية بل أيضًا على بنى الأسرة التقليدية. برزت العديد من الأدوات الرقمية التي توفر وسائل تواصل جديدة ومريحة، وقدمت طرقًا مبتكرة للتفاعل الاجتماعي. ولكن مع كل هذه الفوائد المحتملة، هناك مخاوف متزايدة بشأن الآثار الجانبية لهذه التغيرات التكنولوجية على تماسك الأسرة وترابط أفرادها.
من جهة، يمكن اعتبار التكنولوجيا عاملاً مساعداً في تعزيز الاتصال العائلي. خدمات الرسائل الفورية والمراسلة الصوتية والفيديو عبر الإنترنت تسمح للأفراد بالبقاء على اتصال حتى وإن كانوا بعيدين جغرافيًا. هذا الأمر مفيد خاصة أثناء فترات الحجر الصحي الطويلة مثل تلك الناجمة عن جائحة كوفيد-19 حيث كانت القدرة على التواصل الإلكتروني البعيد أحد الوسائل الرئيسية للحفاظ على الروابط الاجتماعية والعاطفية بين الأقارب والأصدقاء. كما أنها توفر فرص التعلم والتثقيف لجميع أفراد البيت بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية.
ومع ذلك، فإن الاستخدام المكثف للهواتف الذكية والأجهزة الرقمية الأخرى قد يتسبب في تدخل سلبي كبير في نمط حياة الأسرة اليومي. فقد يؤدي الإفراط في استخدام الشاشات إلى تقليل الوقت الذي تقضيه الأسرة معًا وجهًا لوجه، مما يقلل من الفرصة لإقامة حوار مفتوح وبناء علاقة قوية مبنية على الاحترام المتبادل وفهم احتياجات بعضنا البعض. بالإضافة لذلك، يمكن أن تكون المواد المرئية الموجودة عبر الإنترنت مصدر جذب منافس لاهتمام الأطفال والشباب الذين غالبًا ما يقضي الكثير من وقتهم أمام شاشة الهاتف أو الكمبيوتر بدلا من الانخراط في نشاط خارج المنزل أو القراءة وغيرهما من الأنشطة البدنية المفيدة لصحة الطفل الجسمية والنفسية.
علاوة على ذلك، تشكل الخصوصية الرقمية تحدياً جديداً للعلاقات الأسرية الحديثة. المعلومات الشخصية المنشورة عبر الشبكات الاجتماعية والحسابات المختلفة قابلة للوصول لأي شخص لديه رابط رقمي بذلك الشخص، وهذا يشمل أعضاء الأسرة الآخرين أيضا بصرف النظر عما إذا كانوا يرغبون في الوصول إليها أم لا. يمكن لهذا الوضع أن يخلق مشاعر الغيرة وانعدام الثقة داخل نطاق الأسرة الصغيرة.
لهذا السبب أصبح من الضروري وجود توازن مناسب لاستخدام التكنولوجيا داخل المنازل؛ وهو أمر يتطلب التوعية والتعليم حول فوائد وآثار هذه الأدوات الجديدة عند تطبيقها ضمن حدود مناسبة واحترام الحدود الخاصة بكل فرد في المجتمع العائلي الواحد. إن خلق بيئة رقمية آمنة وعادلة تتضمن مشاركة جميع الأفراد في اتخاذ القرارات المصاحبة لها هي الخطوة الأولى نحو ضمان عدم تعطيل استقرار واستمرارية الوحدة العائلية بسبب التدخل الضار للتكنولوجيا الرقمية.