- صاحب المنشور: أروى الجزائري
ملخص النقاش:
استعدادًا للمستقبل وخطة طموحة للتنويع الاقتصادي، تسعى المملكة العربية السعودية إلى إعادة تعريف نفسها عالميًا. وفي هذا السياق، نُطلق عليها اسم "رؤية ٢٠٣٠"، وهي استراتيجية شاملة تهدف إلى خفض الاعتماد على النفط كمحرك رئيسي للاقتصاد وتحويل المملكة إلى مركز اقتصادي متعدد الأوجه يعتمد على الصناعات غير النفطية مثل التكنولوجيا والسياحة والتعليم والصحة. هذه الخطوات الكبرى تشكل تحولا جذريا تحتاج البلاد لمعالجته بعناية ومن خلال فهم واستيعاب مجموعة متنوعة من العوامل المحلية والدولية المترابطة.
التأثير الداخلي: تعزيز القدرات الوطنية
تلتزم رؤية ٢٠٣٠ بتوفير بيئة عمل محفزة تدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة برأس المال الجيد والإدارة الفاعلة. يُعتبر صندوق الاستثمارات العامة أحد الأدوات الأساسية لهذا الهدف حيث يستثمر بشكل كبير في القطاعات الجديدة ويخلق فرص العمل للشباب السعوديين الذين يشكلون جزءاً مهماً من القوى العاملة في البلاد. كما أنها تعمل أيضاً على تقليل البطالة بين النساء عبر تقديم الدعم للمرأة السعودية التي ترغب في الانضمام للقوة العاملة وكذلك زيادة مشاركتها بنسبة أعلى في الحياة العملية والمجتمعية. بالإضافة لذلك، تعد التعليم والتدريب المهني حجر الزاوية لتحقيق نجاح كامل لهذه الخطط الطموحة؛ إذ يتم التركيز حالياً على تطوير الجامعات والمعاهد التقنية لتلبية الاحتياجات المستقبلية لسوق العمل.
الشراكات الدولية: فتح آفاق جديدة
تتمثل إحدى نقاط قوة رؤية ٢٠٣٠ في قدرتها على جذب الشركات العالمية للاستثمار داخل حدود المملكة. إن الموافقات الحكومية الواسعة النطاق لإقامة شراكات مع دول أخرى توفر الفرصة لمشاركة أفضل الممارسات والمعايير العالمية وتعزز مكانة الرياض كموقع مرموق لأكبر العمليات التجارية والاستثمارية. علاوة على ذلك، فإن برنامج "نيوم" الذي يعد مشروع مستقبلي ضخم يتواجد فيه العديد من البلدان كشريك له مما يعكس مدى أهمية العلاقات الثنائية الربحية طويلة المدى ليس فقط للأعمال وإنما أيضا للعلاقات الدبلوماسية والثقافية.
التحديات المحتملة: مواجهة الواقع الحالي
على الرغم من وجود فرص هائلة لاستكمال هذه الرحلة نحو مستقبل أكثر ازدهارا وتنوعا اقتصاديا، إلا أنه يوجد بعض العقبات التي قد تؤثر بالسلب على سير عملية التنفيذ بكفاءة عالية. فمثلا، يجب التعامل بحذر عند القيام بإصلاحات عميقة بالنظام الضريبي المحلي كخطوة ضمن مراحل التكيف مع الوضع الجديد نظرًا لأن أي تغييرات مفاجئة يمكن أن تخلق قلق وانزعاج لدى المجتمع المحلي خاصة فيما يتعلق بقضايا العدالة الاجتماعية والأمن الوظيفي. وهناك أيضًا ضرورة الحفاظ على توازن سلس عندما يأتي الحديث حول حقوق الإنسان واحترام الثقافة الإسلامية الأصيلة أثناء محاولة تحقيق تقدم ملحوظ نحو غرس ثقافة مغايرة للحياة المدنية الحديثة والتي تتبع اتجاهات مختلفة عما اعتادت عليه مجتمعاتها منذ زمن سابق. أخيرا وليس آخراً، يبقى الجانب الأمني جانب جوهري للغاية ولا يمكن تجاهله بأي شكل من الأشكال وذلك بسبب الظروف الإقليمية الملتهبة المحيطة بنا اليوم ولذلك تبقى ضرورية استمرار البقاء تحت مظلة سيادة الدولة والحفاظ طبعاً على مساحة حرية الشخص ولكن وفق قانون عام شامل ومتوافق تماما مع القيم الأخلاقية والقانونية للدولة ومجتمعها الشرقي الفريد بطابعاته الخاصة والمميزة.
وفي نهاية المطاف، تجسد رؤيتنا للمملكة المستقبلية رحلة مليئة بالتفاؤل والإلهام لبناء مجتمع مزدهر ذو اقتصاد متين وقادر على منافسة أقوى الدول ذات الاختصاصات المختلفة وهذا الأمر ممكن بالفعل إذا تم فهم كل تلك المعادلات السكانية والاقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية بصورة دقيقة وعمل بها بكل جد وإخلاص حتى يوم ظهور نتائج مطابقة لما هو مطروح بالصورة المعلنة رسميا وبالتالي رسم طريق جديد للسعودية والعالم العربي والعالم الثالث عامة وهو المسار الحيادي التصاعدي المؤدي للإنجازات العلمانية الهائلة بغض النظر عن نوعيتها وأبعاد تأثيرها العالمي الكبير المنتظر حدوثه فعليا!