- صاحب المنشور: ساجدة بن سليمان
ملخص النقاش:
مع ظهور وتطور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي خلال العقود الأخيرة، شهد العالم تحولاً كبيراً في الطريقة التي يتشكل بها الرأي العام ويتفاعل مع الأحداث الجارية. أدى هذا التحول إلى تغيير جذري في كيفية تداول المعلومات وكيف يمكن للمواطنين التأثير على السياسات العامة والقرارات الحكومية. هذه الورقة البحثية ستستكشف بالتفصيل كيف أثرت وسائل التواصل الاجتماعي على تشكيل الرأي العام وعلى استجابة الجمهور للأخبار الحالية والأزمات العالمية.
الجزء الأول: التغيرات الأساسية في نظام نقل الأخبار التقليدي
قبل عصر الإنترنت، كانت المنابر الإعلامية الرئيسية مثل الصحف والتلفزيون هما المصدران الرئيسيان للحصول على الأخبار. كان هناك عملية مراقبة نوعًا ما حيث يقوم محررو الأخبار بتقييم أهمية وقيمة القصص قبل نشرها للجمهور. وهذا النظام يضمن وجود مستوى معين من الموضوعية والدقة. لكن اليوم، تغيرت الأمور بشكل كبير؛ فمنصة تويتر، وفيسبوك، ويوتيوب وغيرها غيرت قواعد اللعبة تمامًا. أصبح بإمكان أي شخص الآن أن ينشر قصته الخاصة مباشرة عبر الشبكات الاجتماعية دون مرشحات أو رقابة خارجية تقريبًا. هذا الوضع الجديد خلق عالم متعدد الأصوات حيث يمكن لأكثر من جانب واحد تقديم وجهة نظره حول حدث ما بدون المرور بمزيد من الفحص الذي قد يحدث ضمن بيئة الوسائط التقليدية.
الجزء الثاني: العامل الزمني والفورية
أحد أكبر الاختلافات بين التواصل الاجتماعي وأنظمة الأخبار القديمة هو السرعة الشديدة التي تعمل بها الأولى. في الماضي، ربما لم يتمكن الناس إلا من معرفة آخر تطورات قضية معينة بعد مرور ساعات أو حتى أيام منذ الحدث نفسه. ولكن الآن، يُمكن للأحداث بأن تكون حاضرة فور حدوثها فعليا وذلك بسبب سرعة وكفاءة شبكات الاتصال الحديثة. بينما يعد الثبات أحد مميزات أخبار القنوات التقليدية -حيث أنها غالبا ما تعيد عرض نفس الخبر عدة مرات طيلة النهار مما يحافظ عليه في ذهن المستمع لفترة طويلة- فإن الفورية هي الوجه الآخر لأخبار مواقع التواصل الاجتماعي والتي تستهدف الانتباه المتقطع والمحدود لدى مستخدميها الذين يقضون الكثير من الوقت وسط تدفق هائل ومستمر من المحتويات المختلفة الأخرى كذلك أيضا. نتيجة لذلك ، بات القرار السياسي أو رد الحكومة تجاه حادث جلل مشروط بدرجة كبيرة بالإتجاه العام الذي تأخذ به شرائح مجتمع مؤثر من المستخدمين لهذا النوع من الخدمات الإلكترونية الهائلة الشعبية .
الجزء الثالث: دور الدعاية المضادة (Counter Narrative)
في حين أنه تم الإشارة سابقا لكيف جعل التسلسل التسليم المعلومي الحالي أقل تنظيماً بعض الشيء مقارنة بالأمس , فإن "الدعاية المضادة" هي ظاهرة أخرى فريدة تمتاز بها الحقبة الجديدة للإعلام . إن قدرة الأفراد والجماعات الصغيرة على انتاج مواقف مضادة للنبرة الرسمية الرسمية المعتمدة رسميا وتوزيعهذه المواجهة أمام ملايين الأشخاص بسرعة مذهلة أمر جديد نسبياً نسبياً عندما يتعلق الأمر بأسلوب إدارة حملات المسوغات والحجج البلاغيه المحترفة لتحقيق مصالح سياسية معينة . فقد اصبح بوسع مجموعة صغيرة من المدافعين المتحمسين لوجه نظر معينه انشاء مجتمع رقميا خاص بهم يعكس رؤاهم ويكوِّن آراء وانتماءاته خاصة خاصة فيما يتعلق بالقضايا السياسية والقيم الاخلاقية ذات الصبغة المثيرة للجدل الشديد داخل المجتمع كله وليس فقط غرفه مغلقه صغيره له ! وقد تسهم تلك الظاهرة بالتالي ليس فقط باختراق الخطاب الرئيسي الرسمي بل وبإضعافِ تأثيرِ السلطة المركزية التقليديتة ايضا!
الاستنتاج :
إن التحول الكبير نحو الاعتماد الأكبرعلي تكنولوجيات التوصل الحديث يعني حتما بأنه لن يعوض ابدا مساحة واسعه كانت تحت احتكار المؤسسات الرائدة سابقآ ولكنه عزز بنفس القدر عدد اللاعبين المسيطر علي المشهد الإعلامي الذي يشغل مكان كبير فيه بالفعل.وأخيرا, فالنقاش حول مدى سلبي أم ايجابي لهذه التجربة يظل مفتوحا بلا شك ؛ فلربما شاهدنا تغيرات جوهرية