• صاحب المنشور: عبد الباقي بن عمر
  
  ملخص النقاش:
  مع تزايد تعمق الأزمة الاقتصادية العالمية وأثرها الواضح على التفاوت الاجتماعي والثوري، أصبحت تحولات النظام الرأسمالي موضوع نقاش متزايد. إن عملية العولمة التي شملت الأسواق والاقتصادات بشكل كبير خلال القرن الماضي قد أدت إلى العديد من التأثيرات الجدلية على نموذج التنمية الرأسمالية التقليدي.

العولمة، كظاهرة اقتصادية وثقافية واجتماعية واسعة الانتشار، أثرت بشكل ملحوظ على تقسيم العمل العالمي وعلى توازن القوة بين الدول. من جهة، عززت هذه العملية التجارة الدولية والاستثمار عبر الحدود الوطنية، مما خلق فرصا جديدة للشركات الكبرى وتوسعت رؤوس الأموال حول العالم. ومن الجهة الأخرى، سلطت الضوء على الفوارق الحادة بين البلدان الغنية والفقيرة، حيث غالبا ما يستفيد الأغنياء أكثر بينما يعاني الفقراء من انخفاض مستويات المعيشة وانعدام الأمن الوظيفي.

في ظل هذا المشهد الجديد، يبرز سؤال رئيسي حول مدى قدرة الرأسمالية على الاستمرار وحدتها دون إعادة نظر جذرية في مستويات الإنصاف الاجتماعي والمستدامة البيئية. فبينما تستمر الشركات العملاقة في تسجيل أرباح قياسية وفي توسيع نطاق سيطرتها السوقية، تكافح الطبقات الوسطى والمنخفضة لتحقيق حياة كريمة وسط أجور جامدة ومتطلبات معيشية مرتفعة. وقد تفاقم الوضع بسبب جائحة كوفيد-19 الأخيرة والتي فضحت هشاشة العديد من نماذج الأعمال واحتمالات تباطؤ الإنتاج العالمي لفترة طويلة.

ومن هنا يأتي أهمية النظر بعين الاعتبار لاقتراحات مثل زيادة الضرائب التصاعدية، وتعزيز سياسات حماية الحقوق العمالية، ومراجعة قوانين الملكية الفكرية لدعم الصناعات المحلية الصغيرة والمتوسطة الحجم. بالإضافة إلى ذلك، هناك ضرورة لمناقشة دور القطاع العام في ضمان استقرار الاقتصاد وعدالة التوزيع المجتمعي للموارد الطبيعية والفرص الاقتصادية.

وتواجه البشرية اليوم فرصة تاريخية لإعادة هيكلة نظامنا الحالي بطرق أكثر عدلا واستدامة قبل أن تصبح نتائج عدم اتخاذ إجراءات فعالة كارثية. إنها دعوة للاستماع لصوت العدالة الاجتماعية وضبط عجلة التاريخ نحو مسار أخضر وعادل للتطور الإنساني.