- صاحب المنشور: رحمة بن إدريس
ملخص النقاش:
في ظل التغيرات الجذرية التي يشهدها العالم والتعليم كأحد القطاعات الأساسية الأكثر تأثراً، يواجه المجتمع العربي العديد من التحديات فيما يتعلق باستدامة التعليم. هذه المحنة ليست جديدة ولكنها اتخذت طابعاً أكثر تحديداً مع جائحة كوفيد-19 والتي أدت إلى تحولات دراماتيكية في طرق التدريس والتواصل. يعكس هذا الوضع الحاجة الملحة للبحث الجاد حول كيف يمكننا ضمان استمرار العملية التعلمية بطريقة مستدامة ومؤثرة حتى بعد انتهاء الأزمة الصحية العالمية.
التحديات الرئيسية:
1. **التفاوت الرقمي**: أحد أكبر العقبات أمام استدامة التعليم هو الفجوة الرقمية بين الطلاب الذين لديهم الوصول الكامل إلى الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة الذكية وبين أولئك الذين قد يفتقرون لهذه الوسائل بسبب الظروف الاقتصادية أو الجغرافية. هذا الاختلاف يؤدي إلى عدم مساواة في فرص الحصول على المعلومات والمشاركة في البرامج التعليمية الإلكترونية.
2. **الاحتياجات المتغيرة للمعلمين**: المعلمون، كونهم العمود الفقري للنظام التعليمي، يحتاجون أيضاً للتكيف. القدرة على استخدام التقنيات الجديدة وتطوير مهارات تعليمية افتراضية تعتبر ضرورية لتحقيق الاستمرارية في عملية التعليم أثناء الأزمات.
3. **بنية تحتية تعليمية ضعيفة**: الكثير من المنشآت التعليمية تحتاج إلى دعم تقني أفضل، سواء كان ذلك عبر التحسين العام لشبكات الإنترنت أو توفير المزيد من الدعم اللوجستي للاستخدام الآمن والحصيف لتكنولوجيا المعلومات.
4. **دعم نفسي واجتماعي محدود**: البيئة الافتراضية قد تكون أقل جاذبية اجتماعياً مما هي عليه البيئات المدرسية التقليدية، مما يخلق حاجة ملحة لدعم نفسي واجتماعي أقوى لمساعدة الطلاب والمعلمين على التعامل مع العزلة والضغوط النفسية المرتبطة بتعلم جديد كلياً.
آفاق المستقبل:
على الرغم من هذه التحديات، هناك أمور مشرقة تستحق النظر إليها عند الحديث عن مستقبل التعليم في المجتمع العربي. إليكم بعض الأفكار المحتملة:
1. **تعزيز البحث العلمي**: يمكن للدول العربية زيادة الإنفاق الحكومي على البحوث المتعلقة بالتعليم الرقمي والاستفادة منها لصالح تطوير خرائط طريق فعالة لمواجهة الصدمات المستقبلية.
2. **مبادرات تكنولوجية مبتكرة**: تشجيع الشركات الناشئة والشركات الأكبر حجماً على تقديم حلول رقمية فريدة تلبي الاحتياجات الخاصة لكل بلد عربي وتعزز جودة التجربة التعليمية الافتراضية.
3. **تكافل مجتمعي**: بناء شبكة قوية من التواصل الاجتماعي حيث يتم تبادل الخبرات والنصائح حول كيفية جعل التعليم عن بُعد أكثر فاعلية ومتعة للجميع، خاصة بالنسبة لأولئك الذين قد يجدون صعوبات كبيرة في هذه الفترة الانتقالية.
4. **تنظيم تدريب مكثف للمعلمين**: تنظيم دورات متخصصة توفر الأدوات اللازمة لاستخدام التقنيات الحديثة بكفاءة داخل الصفوف الدراسية وكيفية إدارة الفصل عبر الانترنت بأسلوب يحافظ علي تركيز الطلبة ويحسن نتائج تحصيلهم العلمي.
وفي نهاية المطاف، فإن تحقيق استدامة حقيقية في قطاع التعليم يتطلب رؤية مشتركة وجهداً تعاونياً واسع النطاق يضم الحكومة والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني برمته - جميعهم يعملون سوياً نحو هدف واحد وهو المساهمة بإيجابية في تغيير نظام التعليم الذي نشعر به اليوم بأنه غير قادر على مواجهة التحديات القادمة إلا إذا تم إعادة هيكله وإعادة بنائه بلغة مختلفة تمامًا عما اعتاده الأطفال والعقول الشابة الآن.