جماليات الجنة: وصف اللهي لدار السلام والأمان

في رحاب القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، يمتد لنا الوصف المبهر للجنة - دار الجزاء والثواب الأبديين للمؤمنين الصادقين في يوم الحساب. هذه الدار الم

في رحاب القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، يمتد لنا الوصف المبهر للجنة - دار الجزاء والثواب الأبديين للمؤمنين الصادقين في يوم الحساب. هذه الدار الموعودة هي موطن لكل ما هو جميل ورائع، وهي تحفة فنية إلهية تشهد على قدرة خالقها سبحانه وتعالى.

تعد الجنة مملكة واسعة وأبدية، مليئة بالنجوم الثابتة التي تلون سماءها بما يشبه الزبرجد والجوهري الأخضر الفاخر، وتتلألأ فيها الشمس والقمر كأنها كوكبان متلألئان وسط تلك الأملاك العليا. أرضها مهدأة ومُستوية، مغروسة بأنواع شتى من الأشجار المثمرة والمزهرة دائمًا، ولا تنقطع ثمارتها ولا يزول نضارتها. تُروى بسلسةٍ من الأنهر المتلالئة والقادمة من عين الحياة الآتي ذكرها في الكتاب العزيز. كل نهر منها له لون مختلف ولكنه جميعاً طاهر وصافي ونقي. وفي هذا المكان تختلط رائحة الطيب والعطور بكل أنواعها وبكل ألوانها الجميلة بين أغصان أشجار الجنات المختلفة.

وفي وسط هذه البستان الحيوي تتفرّج الأعين على قصر عظيم يحمل اسم "بيت المحبة"، وهو مكان خاص للقاء الأحباب الذين اجتمعوا على حب الرحمن ودينه المستقيم. يُحيط بهذا القصر أسوار ذهبية شاهقة مصنوعة من ذهب الخالص، ويُزيَّن أبوابه بالألماس المتلألئ وخواتمه اللامعة. أما مداخلها فتكون مفتوحة دائماً لاستقبال أهل الإيمان وعشيرتهم المقربين إليهم ممن استحقوا دخولهن برحمته الواسعة.

يتوافد إلى تلك المنازل الجديدة سكان جديدين هم الرجال والنساء المؤمنون، وقد غدت وجوههم مُشرقة كالضحى المُشرق بنور رب العالمين، مما جعلهم أكثر جمالاً منهم قبل الموت بإحدى عشرة درجة كما أخبر بذلك الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حسبما ورد في حديث صحيح رواه الترمذي وابن حبان وغيرهما. إن ملابس هؤلاء الضيفان ليست إلا حرير أبيض ونقي لم يلحق به العمل ولم يرقه أحدٌ قط، وهذا الحريري يشكل لباسَهم الخاص داخل بيوت الجنان بعد انقطاع حاجتهم إليه لحاجتهم الملابس الأخرى الخاصة بطبيعة حياة الأحياء هناك.

إن الطعام والشراب المقدمان لأهل الجنة ليس مجرد تناوله بل هو حالة كاملة تستشعر فيها النفوس جرعات الفرح الغامر والحمد الشديد لما قدروا عليه والتقدير لعبادة خالق الأكوان. إنه طبق شهي متنوع ولذيذ للغاية نظراً لطعمه المختلف تمام الاختلاف عمّا اعتاده البشر أثناء حياتهم الدنيا القصيرة جداً مقارنة بذات العمر الطويل جدًا لفترة المكافآت الأبدية بالسعادة والفلاح والنماء الروحي والعيش الرغيد الراقي المستقر مدى الدهور المقبلة.[4] إن هذه المصاحبة تأتي بمباركات الرب عز وجل لإسكان عبده الصالح حقاً فيه وإرضائه وإسعاد قلوب مخلوقات أخرى بجواره كذلك بتلك الرحمة العامّة التي انتشرت حول آفاق ذلك المجمع المبارك عامة وفردياً أيضًا! فهناك نوادر خاصة مستمدة مباشرة من عطاياه تعالى لمن يستحسن اختياراته الشخصية لهم سواء كانوا صالحين منذ نعومة أظفارهم أم غير ذلك لكن اقتناعهم واستقامة طريقهم نحو الحق أدخلهُم برفقتِهِ وطيب جنابه دون سابق علم سابق منه بالإمكانيات الذاتيه لهذه الحالة الإنسانية تحديدًا!. وهكذا فإن منزلتكم عند بارئكم هي أهم عامل لتحديد مكانتكم الاجتماعية ضمن المجتمع الأعلى مستوى والذي يعد بمثابة تصعيد للألقاب المفاضلية والعيش الهنيء المعاشر للحسنى وقتذاك!! فعلى سبيل المثال يتم الوصول بحالة واحدة فقط تسمى "الكرامة" لتحقيق مرتبتكم الأولى المنشودة والتي ستضمن لك مكان أعلى بكثير نسبيا عما كانت حالكم هنا بينما يسمو البعض الآخر ليصبح معدودا ضمن قائمة الأشخاص المدعوين لدخول قصور سيدنا إبراهيم عليه السلام بشكل مباشر بواسطة دعوة سماوية خصية تعكس نزغات مشيئة مولانا جل وعلى![1][2].

هذه بعض سمات عالم الجنة ومكانتها؛ فهي ليست مجرد مسكن وحسب وإنما هى محل سلام النفس وسكون الروح وزوال الألم والمعاناة وكل شر يمكن تخيله إذ يوجد بها كافة المسرات الدنيوية مع كثافة مضاعفة مرات عديدة ولكن بدون وجود أحزان القلب وغفلان العقل المهدرتين خلال مرحلة التحرك العملي الأرضية العامة المكتظة بالحزن المخلوط بغربة المكان الرازحة تحت ظلم الاستعباد والإبعاد عن نور الله بسبب الخطايا الصغيرة والكبيرة أيضا رغم تسجيل الكثير منها بالتأكيد فى حسابات المغفرة لدى رب كريم نعمته عظيمة وكبير جزائه جزاء حسنات الصابرين الناجين من نار جهنم بإذن ذي القدرة المتفردة مهما بلغ مقدار تقصير المرء وضعفه أمام نفس شيطانيتها وما زالت داخله حتى اللحظة الاخيرة من عمره الدنوي إذ يقول الله عز وجل:" إن الله يغفر الذنوب جميعا". [5]

[1]: ابن كثير, تفسير (تفسير سورة الاعراف).

[2]: القرطبي, الجامع لأحكام القرآن (تفسير سورة الانعام).

[3]: البيضاوي, تفسير روح المعاني (تفسير سورة الكهف).

[4]: ابن عاشور, التحرير والتنوير (تفسير سورة النساء).

[5]: البقرة 286


إبتهال بن توبة

20 博客 帖子

注释