كانت حياة الشاعر العراقي الشهير نزار قباني مليئة بالأحداث المثيرة والمواقف المؤثرة التي تركت بصمتها الفريدة على شعره وحياته الشخصية. ولد النجم الأدبي البارز عام 1923 في دمشق بسوريا لأب عراقي وأم سورية، ونشأ وسط بيئة ثقافية غنية أثرت فيه بشكل كبير. منذ طفولته المبكرة، برزت موهبته الشعرية عندما كان يقرأ القرآن الكريم ويسمع الأشعار العربية الكلاسيكية مما شكل أساسا قويا لشخصيته الأدبية المستقبلية.
درس القانون في جامعة باريس وحصل على درجة الدكتوراه منها قبل أن يعود إلى الوطن ليعمل كدبلوماسي. إلا أنه سرعان ما استقال من عمله الحكومي ليصبح شاعرا محترفا، مفضلا الفنون على المسؤوليات الرسمية. كانت تجربته كمستشار إعلامي لدى سفارات عدة فرصة له لمقابلة شخصيات عالمية مؤثرة مثل جون كينيدي وإليزابيث تايلور وغيرهما ممن ارتبط بهم بحكايات مثيرة للجدل.
تعد قصائد نزار قباني إحدى أكثر الأعمال الأدبية شهرة في العالم العربي الحديث حيث تتميز باللغة الرشيقة والحوارات الحادة حول الحب والمرأة والتجربة الإنسانية المتنوعة. وعلى الرغم من ذلك، فإن حياته الخاصة كانت محفوفة بالمخاطر والعلاقات الصاخبة؛ فقد تزوج خمس مرات وانفصل ثلاث مرات أخرى، وكان لكل زواج تأثير واضح على كتاباته وفي كثير من الأحيان تنعكس مشاكله الزوجية مباشرةً في أشعاره.
وعلى مر العقود، أصبح نزار رمزاً للقوة والضعف الجنسي والإنساني معاً عبر قصائده الجريئة والتي تناولت مواضيع حساسة مثل الزواج والثورة الاجتماعية والجنس. كما احتفظ بولائه الثقافي المضطرم تجاه بلاده العراق وسورية ودفاعه عنها حتى آخر أيام حياته.
مع مرور الوقت وتزايد شعبية نتاجاته الإبداعية، بدأ نزار يفقد ارتباطه بالحياة السياسية وينصرف نحو التأمل الداخلي والفلسفة الذاتية الوجودية. توفي بعد نوبة قلبية مفاجئة وهو يدافع عن الحرية والكرامة البشرية في خطابه الأخير ضد الاحتلال الأمريكي للعراق سنة ٢٠٠٤ م، تاركاً خلفه تراثاً أدبياً ثرياً سيظل مصدر إلهام للأجيال القادمة لعقود قادمة بلا شك!