الموت نهاية كل نفس، ولكن ما بعدها يظل لغزاً يفوق الوصف. نظر العلماء عبر التاريخ نظرة عميقة لهذه الحقيقة الأزلية، مستمدين منها دروساً هامة ومحاولين فهم معناه ورسالته. إليكم بعض الأفكار والتوجيهات التي طرحها علماؤنا حول هذا الموضوع الجليل:
قال الإمام الشافعي رحمه الله: "إنّ الحياة الدنيا كراية قد نُصبت بين يدي الآخرة، فمن أقام فيها لله عز وجل أقيم له يوم القيامة". هذه المقولة تعكس رؤيته بأن الحياة ليست سوى محطة مؤقتة لتحقيق غاية سامية وهي رضا الله سبحانه وتعالى. ومن ثم فإن كيفية استخدام الإنسان لها سيكون لها عاقبة كبيرة عند الفراق عنها.
ومن جهة أخرى، ذكر ابن القيم الجوزية:" إنَّ للمَوتِ لَعَلماً مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍ، فَمَنْ ماتَ مُسلماً زالَ عنه الشرُّ واقترب الخيرُ." هنا يؤكد على أهمية النهاية الصحيحة للحياة وكيف يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مصير المرء الأخروي.
وفي حديث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم يقول: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير! وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابتْه سرّاء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضرّاء احتسب فكان خيرا له». وفي هذا الحديث تشجيعٌ للنظر للموت بصفته مرحلة جديدة تحمل الخير بإذن الله لمن آتاه صالح الأعمال وصلاح العقيدة.
كما تناول العالم ابن حزم الظاهري مفاهيم مختلفة مرتبطة بالموت قائلاً: "إن الأموات يعلمون ما يجري عليهم وعلى أحبابهم، ويعلمون أفعال الأحياء تجاههم"، وهذا يدخل ضمن مجال الاعتقاد بالبعث والحساب والعقاب والثواب حسب أعمال المسلمين أثناء حياتهم وبعد مماتهم أيضًا.
ختاماً، رغم اختلاف تفاصيل ونظريات التفكير الإنساني بشأن الموت، إلا أنها جميعا تسعى لفك طلاسم تلك اللحظة الأخيرة وتحويل الخوف منه لعبرة وعبرة للمستقبل ولحيات الناس الأخرى والتي هي الأكثر أهمية وأبدية بحسب عقيدتنا الإسلامية.