- صاحب المنشور: فضيلة الصيادي
ملخص النقاش:
لقد أدى العصر الحديث لوسائل الاتصال والتكنولوجيا إلى تحولات جذرية في حياتنا اليومية، مما يشمل جوانب صحتیها والنفسیة لدینا. فیما یوفر العالم الافتراضي الكثير من الفرص للتعلم، العمل، التواصل والترفيه، إلا أنه قد يتمخض عنه أيضًا تحديات غير متوقعة تتعلق بالصحة الذهنية والعاطفية. إن هذه التقنية التي جعلت العالم قرية صغيرة يمكن الوصول إليها بمجرد نقرة زر، كشفت أيضاً عن جانب مظلم محتمل يؤثر مباشرة على حالة الأشخاص النفسيّة.
أصبح العديد من الأفراد يعانون من مشاعر الاكتئاب والقلق والإرهاق نتيجة لاستخدامهم المتكرر للتكنولوجيا ولعب الألعاب الإلكترونية لساعات طويلة يومياً. بالإضافة لذلك فإن وسائل التواصل الاجتماعي لها دور كبير بتفشي ظاهرة المقارنة بين الذات والأقران وبناء صور وهمية للأمان الاجتماعي الذي يعتمد غالباً على عدد الإعجابات والمتابعين وليس الواقع الفعلي للحياة الشخصية للمستخدم. هذا الانغلاق داخل شاشة الهاتف أو الكمبيوتر يغيب عن الشخص حقيقة تفاعلاته الحقيقية مع بيئة واقعه المجتمعي مما ينتج عنه شعور بالعزلة وانعدام الدعم الأسري والمجتمعي الطبيعي.
من الناحية الأخرى، هناك أيضا خطر التعرض للإدمان على الإنترنت والذي قد يصل حد القلق عند عدم القدرة على استخدام تلك الأدوات الرقمية لفترة زمنية قصيرة. وقد وصف بعض الخبراء ذلك بأنه "إدمان رقمي" مشابه لإدمان المواد المخدرة حيث يحدث تغيير فى بنية الدماغ بسبب الروتين المستمر واستجابة الجسد الكيميائية لتلك المنبهات الاصطناعية مثل رسالة جديدة أو نافذة تحديث أخبار مفتوحة.
على الرغم من كل الآثار السلبية المحتملة, لا تزال فوائد التكنولوجيا واضحة ولايمكن تجاهلها؛ فهي توفر فرصا تعليمية كبيرة وتُسهل عمليات البحث العلمي وتتيح لنا التواصل العالمي بطرق لم تكن ممكنة قبل ظهور الإنترنت. ولكن الأمر يتطلب إعادة النظر وفهم أفضل لكيفية الاستخدام الأمثل لهذه الأدوات الحديثة والحفاظ على توازن بين عالمنا الافتراضي وعالمنا الواقعي لمنع أي ضرر مستقبلي بصحتنا الجسمانية والنفسانية.
إن مسؤوليتنا كمستهلك ومطور تكنولوجي هي ضمان تطوير تقنيات مبتكرة تعمل لصالح الإنسان بشكل شامل وليس مجرد رضا لحاجة آنية لرغبات تجارية عابرة .