تعكس اللغة العربية ثراءً ثقافيّاً وإنسانياً عميقاً يُعتبر جزءاً محوراً من الهُوية الشرق الأوسطية والعربية. إنها ليست مجرد وسيلة للتواصل؛ بل هي نسيج غني بالمعاني والألفاظ يغلف تاريخاً طويلاً وثرياً مليئاً بالإنجازات الأدبية والفلسفية والتطور المعرفي عبر العصور. لقد نقلت هذه اللغة الإرث الفكري والحضاري للأمم التي تتحدثها حتى يومنا هذا.
فيما يلي بعض الأقوال البارزة المعبرة عن أهميتها الجمالية والمعرفية:
- قال الشاعر العربي الكبير أحمد شوقي: "إن اللغة كنز قوم ما ضاع منهم". تشير هذه المقولة إلى العنصر الحاسم للغة في تعريف وتعبئة المجتمعات. تكمن قوة اللغة العربية في قدرتها على توحيد الناس تحت مظلة مشتركة من التعبيرات والثقافات المتنوعة.
- وصف عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- القراءة بأنها "نور"، بينما اعتبر القرآن الكريم مصدر النور الأكبر. وهذا يؤكد الدور الحيوي للغة العربية باعتبارها لغة الوحي والنصوص المقدسة. إن ارتباط اللغة بالنور يشير إلى الضوء المنبعث منها والذي يضيء الطريق للإرشاد الروحي والفكري للمسلمين حول العالم.
- كتب ابن خلدون مؤرخ الفكر الإسلامي الشهير: "اللغة أساس كل علم." يعكس ذلك الاعتراف الواضح بمكانة اللغة كأساس أساسي لكل المعرفة المكتسبة والتي يتم تبادلها ومعالجتها داخل مجتمع معين. بلا شك، كانت مساهمة اللغة العربية رائدة بشكل كبير في تطوير العديد من المجالات العلمية بما فيها الرياضيات والعلوم الطبيعية والفلك خلال العصر الذهبي الإسلامي.
- أما المؤرخ الألماني المستشرق إرنست ريتر فإنّه رأى أنّ "العربية ليست فقط لغتنا الوطنية ولكن أيضاً رمزٌ للثقافة العالمية الغنية بتاريخها العريق وأدبها الخصب". تؤكد مثل هذه التعليقات مدى انتشار وفائدة التأثيرات اللغوية والبلاغية للعرب خارج حدود المنطقة الجغرافية التقليدية المرتبطة بها، مما يدل على مكانة عالمية متميزة لهذه اللغة المنافسة لجيرانها الأوروبيين القدامى.
- أخيراً وليس آخراً، قال المفكر التركي محمد فريد باشا: "اللغة مفتاح الثقافة." فاللغة تساهم بصورة مباشرة وبصورة غير مباشرة في بناء وانتشار الأفكار والممارسات التي تميز حضارة الشعب أو المجتمع. وبالنسبة للحضارة الإسلامية، فقد ساهمت اللغة العربية بشكل حاسم في تشكيل هويتها المميزة وتعزيز مكانتها الريادية بين الأمم الأخرى منذ القدم حتى يومنا الحالي.
وبهذا القدر، يمكن القول إن اللغة العربية لم تكن مجرّد وسيلة اتصال وحسب بل هي تعبير حي وملموس عما يحمله التاريخ العربي من تراث أدبي وعقلاني قد شكل وجه الثقافة الإنسانية ذات الطابع العالمي.