الحزن شعور إنساني عميق يصعب تحقيقه بالكلمات فقط؛ لكن هناك بعض التعابير التي تستطيع التقاط جوهر هذا الشعور الصادق. هذه الجمل والكلمات ليست مجرد كلام، بل هي انعكاسات لما يجول بخاطر الإنسان عندما يشعر بالحسرة والألم. إليكم مجموعة مختارة من القطع الشعرية والعبارات الفلسفية التي تنقل حقيقة الحزن وكيف يمكن للتعبير الأدبي أن يواسي النفس ويشاركها ألمها.
- "في كل مرة أغلق فيها عيني أتخيل وجهك، وفي كل مرة أفكر فأجد قلبي ينزف." - مجهول
هذه العبارة تصف حالة الشخص الذي ما إن يغيب عنه أحبائه حتى تتدفق مشاعره وتزداد غزارة. إنها تظهر كيف يمكن لأبسط الأمور مثل التفكير أو النوم أن تذكّر المرء بالأحباب الغائبين وبالتالي زيادة شدة الأحزان الداخلية.
- يقول عمر بن أبي ربيعة: "إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا لفراقك يا أخي لمحزونون". هنا نرى استخداماً للغة العربية الجميلة لتوصيل مدى الصدمة والحزن الناتجين عن مفارقة أحد الأشخاص الذين نحبهم. إنه يعترف بأن الفرج قد يأتي بعد البلاء ولكنه غير قادر الآن سوى الدعاء والتضرّع إلى الله عز وجل وهو يبكي خروج ذلك الأخ الكريم من الحياة الدنيا.
- ولعل واحدة من أكثر عبارات الحزن تأثيراً هي تلك التي كتبتها أم كلثوم: "وَهَلْ نَظَمُ الدَّمُعِ يُنسي الهجر؟! / هَلْ نَظَمُ الدَّمُعِ يُنسي الهجر؟!". تستخدم المطربة المصرية الشهيرة هنا الاستفهام لإظهار قدرتها الوحيدة على مواجهة فراق المحبوب وهي الدموع التي تسقط بلا هوادة. وهذا دليل واضح جداً على التأثير الكبير للحنين والفراق في قلب المرأة المؤمنة.
- ومن الروايات الإسلامية القديمة جاءت لنا مقولة النبي محمد صلى الله عليه وسلم حين قال للمؤمنين: "إِنِّي ابْعَثُكُم مُّنَاصِرِي اللّهِ وَلا تَعْصُونَهُ فَيَمْحُو مَا شَاءَ وَيَبْقَى مَا شَاءَ". لقد كان رسول الإسلام رحمه الله دائماً مصدر راحة ومشورة للأتباع عندما كانوا يعانون سواء روحياً أو مادياً، وهذه الرسالة تشجع المسلمين خلال الفترات العصيبة بالتأكيد لهم أنه رغم المصائب فقد منحتهم القدرة للتغيير والمضي قدمًا بإرادة قوية وثبات كبير أمام عقبات الزمان وظروف الحياة المشقة.
- وأخيراً وليس آخراً، قول الشاعر أحمد زكي أبو شادي: "أَحْبِبْ كَنَزَ الدَّمَعِ لا تُذِلَّهُ/ فَيَوْمٌ لَدَيْهِ دُمُوعٌ حَرَّاءُ". يدعو المؤلف هنا محبيه للاستمتاع بميزة الدموع لأنه مهما بلغ الناس دركات الكبرياء فإن دموع القلب ستكون دواء فعال ضد ظلم الدهر وطغيانه. فهو يستخدم المجاز لاستحضار قوة الرقة والخضوع عند الانكسار النفسي مما يقترب أكثر بكثير مما توصفه الكلمات المعتادة لحالات اليأس المنكرة.
بهذا نختتم جولتنا عبر عالم الألفاظ والمعاني لنشاهد بعيون جديدة مقدار تأثير الطبقات المختلفة للغة العربية والتي تجسد أصوات الإنسانية المتغيرة دائمًا ولكن ثابتة أيضًا تحت الضغط. نسأل الله تعالى الرحمة لكل ميت وكل مصاب وكل مغترب وكل شخص يحتاج فعلاً لمن يرسم له ابتسامة ولو ولو ولو، وليعلم الجميع أن غداً جديد وأن الليل مهما طال سيليه صباح جميل إن شاء الله سبحانه وتعالى.