في سماء فضاء زرقاء مشرقة، يأتي يوم الجمعة، ذلك اليوم المبارك الذي خصّه الله عز وجل بمكانته الخاصة بين أيام الأسبوع. فهو يوم جمعة للناس كافة، يعود إلى النبي آدم عليه السلام حين نزل منه إلى الأرض، ويختتم أسبوعه بالجمع مع رب العالمين. إن وصف هذا اليوم العظيم هو واجب كل مسلم ومسلمة؛ إذ أنه فرصة عظيمة للحصول على البركة والأجر الكبير.
تبدأ أهمية يوم الجمعة منذ وقت دخوله، حيث يُعتبر فتح أبواب الجنة سماحاً ومواساة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم عند نزول جبريل إليه ليُعلم ما ينزل من القرآن. كما ورد في الحديث النبوي الشريف "إذا كان يوم الجمعة قامت الملائكة على أبواب المساجد يدونون الوافدين أولاً، ثم الآخر، ثم الآخر حتى يجلس الإمام"، مما يشير إلى أهميته الروحية والعظيمة.
إن خطبة الجمعة هي ركن أصيل من أركان الدين الإسلامي، وهي موجهة لجميع المسلمين بلا استثناء، بغض النظر عن جنسهم أو عمرهم أو لون بشرتهم. فالخطيب يذكر الناس بتعاليم دينهم ويعزز رابطتهم بروحانيتهم وتقواهم. هذه الخطبة ليست مجرد كلام متكرر، بل تحمل رسائل قيمة تستمدها من كتاب الله وسنة رسوله الكريم.
ومن الأعمال الصالحة التي تُقبل في يوم الجمعة دعوة الدعوات المستجابة: "إن لكل دعوةٍ حقّاً، وحَقٌّ دعوتكم". لذلك فإن الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم تعد واحدة من أهم تلك الأعمال لما لها من الأثر البالغ والتأثير القوي لدى الله سبحانه وتعالى. فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى عليَّ صلاةً واحدةً صلى الله عليه بها عشراً».
كما تهتم السنة المطهرة بالإقبال على فعل الخيرات والصالحات خلال هذا اليوم المبارك. فقد روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: «... فإن جاءت الجمعة قبل ذلك، فسدِّدوا النية أن تصلوا لصلاة الجمعة». وهذا دليل على حرص الشرع الحنيف على جعل الغرض الرئيسي للجماعة حضور صلاة الجمعة والالتزام بحضورها بشكل منتظم.
وعلى الرغم من كون يوم الجمعة مميزا بعدّة جوانب متعددة إلا أنه ليس مجالا للتراخي والكسل تحت ذريعة فهو يوم راحة كسائر أيام الأسبوع الأخرى! فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول الحق إذا رآه أو سمعه» الحديث. وبالتالي يجب استخدام الوقت بما يحقق الهدف المنشود وهو التقرب لله تعالى والإخلاص له جل وعلى.
وفي النهاية، يعد يوم الجمعة محطة مهمة لتذكير النفس بالتوبة والاستغفار وإصلاح العلاقات الاجتماعية بين الأفراد والمجتمعات المختلفة حول العالم أجمع. إنه مزيد فرص للم شمل المؤمنين وتمتين روابط الأخوة والإخاء فيما بينهم عبر تشجيع التواصل الاجتماعي المفيد وصلة الرحم ورعاية الفقراء والمعوزين من بني البشر جميعا حسب مقاييس ودواع الإيثار الإنسانية المثالية المبنية أساسا على تعليمات القرآن والسنة النبوية المشرفة حاشاهما وعليهما وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه بإحسان إلى يوم القيامة.