كان غسان كنفاني كاتبًا فلسطينيًا بارزًا عرف بمواقفه الوطنية القوية وإخلاصه العميق لوطنه فلسطين. بعباراته المؤثرة وتعبيره الشعري الفريد، ترك لنا كنفاني تراثًا ثقافيًا غنيًا يعكس حبه وولعه بالوطن بشكل مميز وجذاب. فيما يلي بعض الأمثلة البارزة لما قاله كنفاني عن الوطن، والتي تكشف عنه باعتباره شاعر الوطن بكل معنى الكلمة:
في مقالة له تحت عنوان "الوطن"، كتب كنفاني: "الوطن ليس فقط الأرض التي نمشي عليها؛ إنه الروح التي نتنفسها". هذه الجملة تعبر عن رؤية فلسفية عميقة تشير إلى أن الوطن هو جزء لا يتجزأ من وجود الإنسان ويجب احترامه والحفاظ عليه. يشدد كنفاني هنا على أهمية الارتباط الحميم بين الشخص وأرضه، مما يشكل جوهر الهوية الشخصية والثقافية.
وفي كتاباته الأخرى، وصف كنفاني الوطن بأنه مصدر للإلهام والإشعاع الثقافي: "إن وطننا ليس مجرد مكان نولد فيه؛ بل هو قصة ونشيد وعلم.. وهو رمز لوجودنا الإنساني برمته." هذا البيان يؤكد دور الوطن كمصدر للحياة والقوة والأمل، فهو ليس قطعة أرض جغرافية فحسب، ولكنه أيضًا موروث تاريخي وثقافي وحاضر حيوي مستمر.
كما عبر كنفاني عن الألم والخسارة الناجمة عن الاستعمار وفقدان الوطن بطريقة مؤثرة للغاية. فقال مرة: "إن فقدان الأرض يعني فقدان التاريخ.. إن فقدان التاريخ يعني فقدان الإنسان نفسه". هنا ينذر بأن تدمير الوطن يساوي تقريبًا إبادة الشعب ذاته، مبرزاً بذلك شدة ارتباطهما الوثيق وبقاء أحدهما متعلقا بجدار الآخر.
بغض النظر عن الظروف الصعبة التي واجهها الفلسطينيون خلال حياته، حافظ كنفاني دومًا على إيمان راسخ بوحدة وطنه وقدرتها على النمو والتطور. قال ذات مرة: "لن نحقق الحرية إلا عندما نعترف بأن حرية شعب واحد هي ضمانة لحريات جميع شعوب المنطقة... فلا يمكن للنصر أن يتم دون اتحاد كل القوى الطيبة ضد الإرهاب والاستيطان". وهكذا دعا باستمرار إلى العمل المشترك ووحدة الصف نحو تحقيق العدالة والعيش بكرامة داخل حدود وطن مشترك ومستقر.
وعلى الرغم من رحيله المبكر عام ١٩٧٢ إثر تفجير سيارة مفخخة، فإن كلمات وغسان كنفاني الخالدة مازالت تتردد بصوت عالٍ اليوم أكثر منها قبل ذلك بكثير، وهي تقدم رسائل قوية وملهمة لكل محبي السلام والحرية والدفاع عن حقوق الإنسان في كافة أنحاء العالم العربي وخارجها أيضاً. إنها دعوات صادقة للتذكر الدائم لأهمية الدفاع عن حق المرء في الحياة والحرية والكرامة ضمن الحدود الطبيعية لدولة فلسطين العربية المستقلة كاملة السيادة.