في أفراح الحياة ومراراتها، يبقى حضور الأم مصدر راحة ودعم دائم. هي التي ترعى أولادها برقة وتفاني، وهي التي تحول الدموع إلى ابتسام، والخطوات المتعثّرة إلى خطوات ثابتة بثقة. تُعتبر الأم ملاذاً آمناً لكل واحد منّا، حيث نجد الراحة والحنان والدفء عندما نواجه تحديات الدنيا وصراعاتها. فبالحب الذي تغرسه في قلوب أبنائها، تجعل حياتهم مليئة بالأمل والإصرار.
إن ذكرى لقاء أمي كانت دائماً خالدة في ذاكرتي مثل طيف صباح مشرق. شعاع الشمس المنعكس فوق وجهها يبدو وكأنه رسالة حب ومودة مباشرة من الله عز وجل. كيف يمكن للمياه النقية أن تسقي الأرض العطشى إلا كما تفعل عطف ونعمتها؟ وكذلك هكذا تقوم أمهاتنا بتوفير الأمن الروحي والعاطفي لنا بلا انقطاع.
بينما أتذكر رحلتي الطويلة عبر دروب الماضي، أشعر بأن كل خطوة كانت مدعومة بشجاعة غرسوها داخلي؛ فهي لم تكن مجرد درب خصب بل مسيرة نحو المستقبل المشرق. أبواب المنزل المفتوحة توحي باستعداد القلب لاستقبال كل زائر بكل حرارة واحتضان. حتى أصغر الأعمال الصغيرة كإحضار المياه الباردة ليست إلا تعبير آخر عن محبتها ودعمها غير المشروطين.
لكن رغم مرور الوقت وفقدان بعض الأحباب الأعزاء، تبقى ذكرياتها وطيب أخلاقها محفورين داخل نفوسنا كالنقوش الثابتة على حجارة الزمن. ربما ليس لدينا سوى أسمائهم الآن ولكن روحهم ما زالت نابضة بالحياة بيننا. إن تجربة فقد أحدهم تشبه الشعور بخيبة أمل كبيرة بعد انتظار طويل لرؤيته مرة أخرى. لكن دعونا نتذكر دوماً قدرتهم على بناء جسور المحبة والخير خلفهم بغض النظر عن المسافة بيننا وبينهم الآن.
وبينما تستعد النفوس لتوديع هذا العام واستقبال جديد منه، لنستلهم القيم الإنسانية الرائعة التي علمتنا إياها أمهاتنا والتي ستنعكس حتما في تصرفاتنا تجاه الآخرين وفي احترامنا لعلاقاتنا العائلية عموما. فالحب الذي زرعه هؤلاء الأشخاص الأعزاء سيكون له تأثير عجائبي في ملء حياة الناس بالسعادة وإسعاد الجميع بطريقة عفوية بسيطة للغاية. لذلك دعونا نحافظ عليه وننميه لتكون أرضنا مليئة براحة وسكينة أكثر مما سبق!
