الحمد لله الذي جعل الرزق من أبرز معالم قدرته وعظمته. إن الرزق في الإسلام ليس مجرد توفير الموارد المادية، بل هو جزء لا يتجزأ من نظام الكون الذي خلقه الله تعالى. وقد أكد القرآن الكريم والسنة النبوية على أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، وهو الذي يرزق كل نفس رزقها.

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالًا طَيِّبًا" (النحل: 114). وفي الحديث القدسي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيراً فله، وإن ظن بي شراً فله". هذا الحديث يوضح أهمية الثقة بالله والتوكل عليه في جميع الأمور، بما في ذلك الرزق.

ومع ذلك، فإن الإسلام لا يدعو إلى الكسل أو التوقف عن السعي لطلب الرزق. بل يشجع على الأخذ بالأسباب والسعي لتحقيق الرزق المشروع. يقول الله تعالى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" (الملك: 15).

وفي الحديث الشريف، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن رباح رضي الله عنه بالإنفاق قائلاً: "أنفق بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالاً". هذا يدل على أن الإنفاق والصدقة جزء من الأخذ بالأسباب في طلب الرزق.

ومن المهم أن نفهم أن الرزق مقدر ومكتوب منذ الأزل، كما جاء في الحديث النبوي: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات: بكتابة رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد".

ومع ذلك، فإن الإيمان العميق بقضية الرزق يتطلب المزيد من اليقين والثقة بالله. يمكن تحقيق ذلك من خلال مطالعة النصوص القرآنية والحديثية المتعلقة بالرزق، والتدبر في آيات الله في الكون، والتوكل على الله حق توكله. كما يمكن أن يساعد تكرار تلاوة القرآن بالتدبر، وتذكر فضائل التوكل على الله، في زيادة الإيمان والثقة بالله في مسألة الرزق.

وفي النهاية، يجب على المسلم أن يرضى بما قسمه الله له، وأن يقنع بما أوتي، وأن يلزم دعاءه وذكره، ويسأله من فضله تعالى؛ فإن خزائنه سبحانه ملأى، لا يغيضها نفقة. والله أعلم.