رواية "رجال في الشمس" للكاتب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني تُعتبر تحفة أدبية تقدم صورة صادمة عن واقع الحياة القاسي والمهلك لشخصياتها المغتربة والمُهجَّرة. ومن خلال النصوص المُختارة التالية، نستطيع رؤية مجموعة من المشاعر والأفكار المكثفة التي تتخلل الرواية:
- الحنين للأصول: يُشير وصف الفارس لأولئك الذين فقدوا وطنهم بكل تفاصيله – البيوت والشجر والشباب والقرابة - إلى مدى الألم والحنين الذي يشعر به الإنسان عندما يفقد جذوره وتراثه الثقافي. وهذا الشعور يمثل جزءًا أساسيًا من التجربة الفلسطينية المعاصرة.
- معاناة النفس: الشخصيات الرئيسية، خاصة أبو الخيزران والفارس، تجسد معركة يومية ضد اليأس والعجز. اعتراف الفارس بأنه "تعب بشكل أكثر من اللازم"، ودخوله حالة من النسيان المتبادل للتاريخ والأحوال الجغرافية المحيطة، دليل واضح على تأثير التجارب المؤلمة عليهم وعلى قدرتهم على التحمل.
- النفاق الاجتماعي والثقافة التعليمية: نقد كنفاني للحالة الاجتماعية والتعليمية آنذاك يأتي عبر حوار أبو الخيزران حول عدم ملائمة بعض الأشخاص للوظائف الرسمية ("إن الشيطان لن يستقيم موظفا"). كما يسخر الكاتب من جهل الآخرين وعدم فهمهم لقضايا المواطنين المحرومين، موضحًا كيف يقوم هؤلاء بتقديم الدروس فيما هم أغفلوا أهم أساسيات التعلم الإنسانية.
- طبيعة الطبيعة والتناقضات الزمنية: استخدام كنفاني لوصف المناظر الخارجية كالجو الصحراوي الحار والجبال المنخفضة وحركة الرياح، إضافة إلى تناقض توقعات الأحوال الجوية مع الواقع الحالي، يؤكد على تعقيدات حياة الشخصية وصراعها المستمر مع بيئتها ومعنى وجودها فيها.
- الوحدة والخوف من الغربة: النهاية المفاجئة لفكرة الوحدة لدى أبو الخيزران، والتي تمتد لتصل إلى شعوره بالحزن وانعدام الانتماء، توضح تأثير الانقطاع عن المجتمع والدولة الأم على الحالة النفسية للشخصية. ويبرز هذا الاستعارة الجمالية لـ "الطريق الأسود الأبد".
هذه الآثار المختارة من العمل تظهر براعة كنفاني في رسم صور واقعية مؤثرة ومفصلة لأحداث تاريخية محلية وإنسانية عالمية مشتركة. وبالتالي فإنها تساهم في جعل أعمال كنفاني متفردة وتعزيز الاعتراف الدولي بالقضية الفلسطينية من منظور الأدب العالمي.