تعد ولاية نابل الواقعة شمال تونس وجهة مثيرة بكل ما تعني الكلمة من معنى؛ فهي تتميز بتاريخ غني يعود إلى العصور القديمة وطبيعة خلابة جعلتها مركز جذب سياحي رئيسي بالإضافة إلى كونها منطقة زراعية منتجة. يرجع اسم "نابل" نفسه إلى الفينيقيين الذين أسسوا أول مدينة هناك قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام تحت مسمى "Hadrumetum". هذا الموقع الاستراتيجي الذي يقع بين البحر المتوسط والجبال الأطلسية جعله نقطة تمركز هامة عبر القرون المختلفة.
خلال فترة الاحتلال الروماني, ازدهرت المدينة وأصبحت ثاني أهم موقع بعد قرطاجنة نفسها. ترك الوجود البيزنطي بصماته أيضًا خلال القرن الخامس الميلادي مما أدى لتطور الحياة الدينية والتجارية المحلية بشكل كبير. ومع ذلك، عرفت الحقبة الإسلامية بداية حقبة جديدة حينما فتح المسلمون القبائل البربرية في المنطقة ودخل الإسلام إليها كدين رسمي. ظل الحكم التركي والحماية الفرنسية فيما بعد مؤثرات واضحة حتى استقلال البلاد سنة ١٩٥٦ ميلادية.
لا تزال آثار تلك الفترات الحاسمة مرئية اليوم ويتجلى ذلك خاصة في مسرح الهواء الطلق والمعروف باسم "Amphithéâtre de Carthage"، والذي كان يستضيف المنافسات الرياضية والثقافية العامة منذ أيام الإمبراطورية الرومانية. أما بالنسبة للعمارة الحديثة، فقد شهدت الولاية تطورا ملحوظا نحو التصميم الهندسي المعاصر بما يشمل مشاريع البنية التحتية الجديدة والمجمعات التجارية.
تجدر الإشارة أيضا إلى دور الزراعة الكبير في اقتصاد المنطقة إذ تحظى بمكانة متقدمة محليا وعالميا بإنتاج أنواع مختلفة من الخضر والفواكه مثل زيت الزيتون وبذور الكتان وغيرهما الكثير مما يساهم بتوفير فرص عمل واسعة للسكان المحليين ويعزز الأمن الغذائي الوطني. وفي الجانب السياحي، تعتبر شواطئ حلق الوادي وسيدي كريم من أشهر المقاصد الصيفية والتي تجذب الآلاف كل موسم عطلة تقريبا بسبب مياهها الصافية ومرافقها الخدمية الجيدة.
وفي ختام الأمر يمكن القول بأن ولاية نابل هي مثال حي لماضي مجيد وحاضر مزدهر تقدم فيه الثقافة والتاريخ جنبا الى جانب مع الواقع العملي والعصر الحديث - وهو نموذج رائع لتنمية الدولة الشاملة التي تتضمن كافة جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياحية كذلك.