وفقًا للدراسات الأثرية المكثفة لفريق عالم الآثار وورنر كيلر، يبدو أن هناك ارتباطًا وثيقًا تاريخيًا وجغرافيًا بين الحدث المذكور في الكتاب المقدس بشأن هلاك مدينة سدوم وبين أحداث جيولوجية فريدة حدثت في منطقة البحر الميت.
تتميز منطقة البحر الميت بانخفاض كثيف عموديًا بشكل ملحوظ تحت مستوى سطح البحر، مما يجعلها أخفض نقطة على وجه الأرض. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع المياه المالحة لبحر الموت بدرجة عالية جدًا من التركيز الملح، وهو ما يفسر اسم "البحر الميت"، لأن المعايير البيئية القاسية لهذه المنطقة تحد من قدرة الحياة البرية على الازدهار بها. وتعد طبيعة البحر الميت الجغرافية والجيوفيزيائية المتفردة هذه سببًا إضافيًا يدفع العديد من الخبراء التاريخيين والأثريين للاعتقاد بأنها المكان الأكثر احتمالية لتوجد مدينة سدوم القديمة.
في القرآن الكريم والسجلات التاريخية الأخرى، وصِفَ سكان سدوم بسوء الأخلاق والقسوة تجاه الآخرين، إذ شاركوا في ممارسات شاذة جنسياً كانت تنافي الفطرة البشرية التي منحنا إيّاها الله عز وجل. تُروى قصة سيدنا لوط عليه السلام وكيف نصح سكان تلك المدينة المنكوبة لكنهم أصروا على عدم الاستجابة لنصحه رغم محاولاته الحميدة لإرشادهم نحو طريق الرشد والصلاح. ردّاً على تعنتهم ومقاومتهم المستمرة، غضب الرب عليهم وحسم أمرهم بتدمير مدينتهم تمامًا عبر كارثة طبيعية قاصمة ظهر اليابان. ويذكر القرآن الكريم أنه لم ينجو إلا مؤمنون قليلو عددهم ممن آمنوا برسالة لوط واتبعوه حق اتباعٍ. وعلى الرغم من مرور الزمان والعصور، ظلت مصائب سكان سدوم درسًا ومعلمًا دالٌ للمستقبل حتى يوم القيامة. وهكذا يكرم الله أولياءه المدافعين عن الحق بينما يهلك الظالمين متكبرين عن قبول النصح والإصلاح.
وفي ضوء الأدلة الجيولوجية والدينية، يبقى موقع سدوم محل جدل علمي وديني مستمر لدى الباحثين المهتمين باستكشاف جذور حضارة الشرق القديم ومعرفة تفاصيل حياتها الاجتماعية وما صاحبها من تطورات سياسية واجتماعية أثرت لاحقًا ثقافات الامبراطوريات التالية لها مثل روما واليونان وغيرهما كثيرون ممن تأثروا بالحضارة السومرية والبابلية بما تحتويه من تراث معماري وفني ونصوص مكتوبة نجت شظايا منها حتى عصرنا الحالي ويمكن الاطلاع عليها داخل المتاحف العالمية المختلفة اليوم.