دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهي مجموعة تشمل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، وقطر، والبحرين، وعُمان، تتألق بتنوع اجتماعي ملحوظ يعكس تاريخها الجغرافي الغني والثقافي المتعدد. هذه الدراسة تهدف لاستكشاف جوانب المجتمع الإنساني لهذه البلدان وتقديم تحليل شامل لتكويناتها الشعبية.
وفق تقديرات الأمم المتحدة لعام ٢٠١٦، يُقدر مجموع تعداد سكان دول المجلس بحوالي ثلاثة وخمسين مليون سبعمئة ألف فرد. تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى بنسبة كبيرة تصل لحوالي ثلاثين مليون شخص، بينما تأتي الإمارات ثانياً بكثافة سكانية تعادل تسعة ملايين وثلاثمئة ألف مواطن ومقيم. ومن ناحية أخرى، تحتل مملكة البحرين أصغر موقع بالسكان بإحصائيات قدرت بستة مليون ومائتين وخمسون ألف ساكن فقط.
الدين الإسلامي يسود المشهد الديني بصفته دين غالبية السكان المحليين والمقيمين الاجانب أيضًا، ولكن هناك حضور متنوع لأديان عالمية عديدة نتيجة طبيعة المنطقة كموقع جذب للعمال الوافدين من مختلف جنسيات العالم. داخل الطيف الإسلامي نفسه، يوجد تعدد مذهبي يشابه التنويع الثقافي العام حيث تتواجد فروع موزعة للعقيدة الإسلامية المختلفة بما فيها السنة والشيعة وغيرهما.
بالنظر أكثر عمقا نحو بناء مجتمع دول مجلس التعاون، فإن التركيبة اللغوية للأمة محكومة بلغة الضاد -الألفاظ العربية- لكنها ليست اللغة الوحيدة المستخدمة بشكل يومي نظرًا للحضور الكبير للغتهم الأصلية لدى العمالة المقيمة والأجانب عامة بالإضافة للتأثير الخارجي أيضًا والذي انعكس عبر استخدام عدة لهجات شرقية وغربية فضلا عنها.
وعن سرعات تغير تلك التركيبات السكانية بدقة مؤشرات النمو السنوي والتي تتفاوت بدرجة ما بين البلد الآخر حسب الظروف الداخلية والخارجية المؤثرة عليها مباشرةً كالسياسات الحكومية والقوانين الخاصة بالهجرة وحدود العمل الخارجية ودخل الفرد وكذلك السياسات الاجتماعية العامة لكل بلد عربي خليجي ذات سيادة مستقلة بذاتها.
إن استراتيجيات إدارة الوفرة الشابة والفروقات العمرية تمثل تحديًا كبيرًا أمام خطط الرعاية الصحية والتخطيط المستقبلي للإنتاجية والحياة المهنية للشباب وذلك فى مقابل نقص العددي فى سن الشيخوخة فوق الثلاث وستين عاما مما يعد فرصة لتحقيق مزايا تنافسية طويلة المدى بشرط توفر نظام رعاية صحية فعال وكفاءة التعليم والاستثمار المثمر لصالح القدرات الوطنية الجديدة الناجمة عن طفرة مواليد العقود الأخيرة.
كما يمكن رؤية تركيز جديد حول التحولات الحضرية وسط زيادة مطردة للسكان الذين يقيمون ويندمجون بالأخص داخل المناطق المكتظة نسبيًا بالحركة والأعمال التجارية والصناعة إذ ترتفع نسبة سكانه بشكل واضح وملفت مقارنة باتجاه نزوح المواطنين باتجاه مناطق الريف وانخفاض عدد سكانه تباعا خلال الفترة الحديثة . وهذا يؤكد دور العنصر التشغيلي والاقتصادي في تحديد مسارات الهجرة داخليا خارجياً كذلك وعلى هامش المقصد السياحي والخدمات السياحية المقدمة. في حين يستوجب الأمر تغييرا جذريا قد يفسر لنا كيف تبدلت أولويات الحياة اليومية لسكان هذه دول الخليج بسرعة مما جعل الناس يهتمون بسبل الراحة المعاصرة ويبتعدون شيئا فشيءعن الطابع التقليدي الخاص باستقرار الأسر الصغيرة الصغيرة سابقا وتمسكهم بالعادات القديمة.
هذه الحقائق المدروسة تشكل أساس معرفتنا وفهمنا لما تمتلكه المنطقة من خصائص مميزة وتمنح الفرصة لعرض رؤى مبتكرة بشأن أهداف تطوير الاستدامة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية مستقبلًا وضعت نصب عينيه المصالح المشتركة لجنس البشري هنا داخل منطقة الشرق الأوسط وآسيا بغرض تحقيق حياة كريمة لكل أفراد المواطنين العرب