قرطبة، العاصمة الإسلامية الرائعة للأندلس خلال العصر الذهبي الإسلامي في أوروبا، هي شهادة حية على تراث ثقافي غني ومتنوع يعكس تاريخاً طويلاً ومليئاً بالإنجازات الفكرية والفنية والعلمية. تأسست المدينة عام 756 ميلادي كمحور حضري بدأت تتطور ببطء تحت حكم الدولة الأموية الأموية حتى وصلت ذروتها كمركز فكري وعلمي رائد أثناء الحكم المغربي بين القرنين الثامن عشر والتاسع الميلاديين.
كان عصر الخلافة في قرطبة (929-1031 م) حقبة زاهرة شهدت ازدهار الفنون والعلوم والتجارة. المدينة كانت مركز جذب للعلماء المسلمين الذين جاؤوا من مختلف أنحاء العالم الإسلامي لإجراء الدراسات والأبحاث وتبادل المعرفة. الجامع الكبير الذي أصبح فيما بعد قصر الحمراء الشهير كان رمزا لهذا الازدهار الثقافي ويتألف اليوم من العديد من المباني التي تمثل نماذج معمارية فريدة تجمع بين الطراز العربي والإسلامي والمسيحي والأندلسي المتوسطيون.
في قلب هذه الحركة العلمية والنبوغ الأدبي ظهر عدد كبير من الشخصيات المؤثرة مثل ابن حيان والذي يعتبر أبو الطب الحديث بالإضافة لأشهر رواة الشعر والشعر الديني ابن زيدون وابن رشد المفكر والقاضي المعروف باسم "الفيلسوف الأفريقي". إن آثار هؤلاء الرجال ما تزال واضحة حتى يومنا هذا عبر المكتبات القديمة والحفاظ عليها وكذلك المساجد والمعابد والمعارض المحلية.
بالإضافة لذلك، قدمت القرطبة مساهمات مهمة في مجالات أخرى كالطب والكيمياء والرياضيات وغيرها الكثير مما جعل لها مكان بارز ضمن قائمة المدن الأكثر تأثيراً عالمياً عبر القرون. وبالتالي فإن رحلة استكشاف عاصمة الأندلس ليست مجرد مرور عبر أماكن تاريخية ولكن فرصة لتقدير عمق ومعنى الإرث الإنساني الذي خلقه الإنسان منذ القدم وحتى الآن.