ليس هناك شكّ في أهمية النية بالنسبة لعبادة المسلم وحياته اليومية. الإسلام يؤكد بوضوح أن كل عمل بدون قصد ونية خالصة لله تعالى لن يعتبر وقبولاً. ولكن هذا الأمر يحتاج إلى بعض التفصيل لتجنب سوء الفهم.
في جوهر الأمور، وفقًا للشريعة الإسلامية، يجب أن تتميز الأعمال الصالحة بثلاثة عناصر أساسية وهي: الإخلاص لله، الموافقة للتعاليم والنصوص الشرعية، والتزام الطريق المستقيم الذي حدده لنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم. كما ورد في الآيات الكريمة "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً" (الكهف: 110). وهذا يعني أنه لا يمكن قبول أي عبادة أو طاعة دون توافر هاتين الشرطتين الأساسيتين.
ولكن ماذا عن النوايا الحسنة؟ هل تلعب دوراً مهمًا في تحديد مصير أعمالنا؟ نعم، بالتأكيد. فهي قد تكون عاملًا رئيسيًا في تشكيل نوعية أعمالنا وتحديد مكافأتنا الروحية. إليك كيف:
أولًا، عندما تنقل النوايا الطيبة نشاط يومي عادي إلى مجال العبادة، فإنها تعطي لهذه الأفعال قيمة دينية كبيرة. فعلى سبيل المثال، يمكنك تناول الطعام والشراب بهدف الحصول على القوة اللازمة لأداء واجباتك الدينية بشكل أفضل، مما يحولهما بذلك إلى جزء من عقيدتك الشخصية.
ثانياً، في حالة وجود حاجز أمام تحقيق نواياك الحسنة مثل مرض منعك من أداء شعائر معينة فقد تعوضك مشيئة الله برضاك الداخلي عن تلك الشعيرة نفسها. هذا الرأي مستمد من عدة أحاديث نبوية تتحدث عن ذلك.
بالنظر إلى هذا السياق، يبدو أن النوايا الطيبة وحدها ليست كافية لتحقيق الغرض الأخلاقي المرجو منها؛ إذ يجب مطابقتها أيضًا للممارسات التي أقرتها الشريعة الإسلامية وصحتها حسب السنة المحمدية المطهرة والسيرة العملية للإمام أحمد والفقه الحديث المنبعث therefrom. إنها علاقة متوازنة ومتكاملة تحتاج إلى الالتزام بالمبادئ الأساسية للعقيدة والاسترشاد بالسلوكيات المشروعة المعلوم بها لدى الجمهور العام.
