أصبح فهم وظائف وأسرار العقل البشري موضوعاً طليعياً في مجال العلوم الطبية والتكنولوجيا الحديثة. يعتبر الدماغ مركز التحكم الرئيسي للجسم، وهو المسؤل عن العمليات المعرفية والعاطفية والسلوكية المعقدة التي تجعلنا فريدين ككائنات بشرية. سنستعرض هنا بعض الاكتشافات الرائدة حول بنية وتشغيل الدماغ البشري وكيف تساهم هذه النتائج الجديدة في تطوير علاجات جديدة لحالات صحية مختلفة.
البنية الثورية للدماغ: يُقسم الدماغ بشكل اساسي الى ثلاثة أقسام رئيسية وهي القشرة المخية (الكوريكس)، جذع الدماغ، والجذع الصغير. ومع ذلك، فقد كشف البحث الأخير أن هناك طبقات غير معروفة سابقاً من الخلايا العصبية تحت سطح القشرة والتي قد تلعب دوراً حاسماً في تنظيم الذكريات والتعلم والإدراك الحسي. بالإضافة لذلك، ظهر دور أكبر بكثير مما كان متوقع له للأنسجة البيضاء التي كانت تعتبر مساحات فارغة حيث أنها تعمل كنظام نقل معلومات بين مناطق الدماغ المختلفة بدلاً من كونها مجرد روابط هاتفية سلبية.
وظائف متعددة ومتداخلة: إن عمل الدماغ ليس عملية خطية بسيطة ولكن نظام معقد ومترابط للغاية. تقوم الشبكات العصبية المتنوعة بمجموعة واسعة من الوظائف بما فيها التفكير، الشعور بالمشاعر، حل المشكلات، اتخاذ القرارات وغيرها الكثير. وقد ساعد التصوير الوظيفي للمادة الرمادية وبطاقات الدموع في رسم خرائط لهذه الروابط العصبية لفهم كيفية أداء دوائر دماغية محددة مهمتها الخاصة ضمن شبكة واحدة كبيرة ومتكاملة.
العلاج المستقبلي: بناءً على الفهم الجديد لبناء ومهام الدماغ، بدأ العلماء بتجارب تشمل تقنيات مثل تحفيز الأعصاب المغلق والموجه والموجات فوق الصوتية لتحييد أعراض حالات الصحة النفسية كالاضطرابات الوسواس القهري والفصام. كذلك يستخدم الطب الشخصاني نهج علاج شخصي يتم فيه تصميم العلاج وفق حالة كل مريض على حدة استناداً للبيانات السكانية والأحداث الشخصية والحالة الصحية العامة للحالة المرضية.
وفي النهاية، فإن استمرار جهود البحوث العلمية سيُحدث تغييرات جوهرية في طريقة علاج أمراض عصبية ونفسية اليوم وستفتح آفاقاً جديدة لعالمنا الطبي!